موضع الصلاة في البيت 1
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا السائب بن عمر، قال: حدثني ابن أبي مليكة، أن ابن عمر، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة ودنا خروجه ووجدت شيئا، فذهبت، وجئت سريعا، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا، فسألت بلالا أصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة؟ قال: «نعم، ركعتين بين الساريتين»
الكَعبةُ المُشرَّفةُ هي بَيتُ اللهِ العتيقُ، ولها مكانةٌ عظيمةٌ في قلوبِ المسلِمينَ، وقد صلَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في جَوْفِها وداخِلَها عامَ فتحِ مكَّةَ
.وفي هذا الحَديثِ يَروي التابعيُّ مجاهِدُ بنُ جَبرٍ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا دَخلَ مكَّةَ في السَّنةِ الثامِنةِ مِن الهِجرةِ، دخَلَ الكَعبةَ وصلَّى ركعتَينِ، وقدْ كان عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما يَقِفُ خارجَها، فأُتِيَ فقِيل له: هذا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دخَلَ الكعبةَ، فأقبلَ ابنُ عُمرَ والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ خرَجَ، وكان معه بلالٌ رَضيَ اللهُ عنه قائمًا عندَ البابِ، وكان معه أيضًا في الداخلِ أُسامةُ بنُ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنهما، وعثمانُ بنُ طَلْحةَ الحَجَبيٌّ رَضيَ اللهُ عنه كما في الصَّحيحَينِ، فسَأل ابنُ عُمرَ بِلالًا عن صَلاةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِالكعبةِ، فأخبرَه بِلالٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلَّى رَكعتَينِ بيْنَ السَّارِيتَينِ اللَّتَينِ عن يَسارِه عندَ دُخولِه، والسَّاريتان ِهُما العَمودانِ اللَّذان يَستنِدُ إليهما السَّقفُ، وفي الصَّحيحَينِ: «جَعَل عَمودًا عن يَسارِه، وعَمودًا عن يَمينِه، وثلاثةَ أعمِدةً وراءَه، وكان البَيتُ يَومَئذٍ على سِتَّةِ أعمِدةٍ، ثمَّ صلَّى» وبيْنَه وبيْنَ القِبلةِ ثلاثةُ أذرُعٍ كما في روايةِ أبي داودَ، وهي مسافةٌ كافيةٌ لوُقوفِه في الصَّلاةِ، وتَكْفي لسُجودِه. ثُمَّ خرَجَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فصلَّى في مُواجهةِ الكعبةِ ركعتَينِ، والمرادُ بوجْهِ الكعبةِ: عندَ بابِ البَيتِ.وقد جُمِع بيْنَ هذا الحديثِ وبيْنَ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما في صحيحِ البُخاريِّ، والذي فيه: «فدَخَل البَيتَ فكَبَّرَ في نَواحِيه، ولَمْ يُصَلِّ فيه» أنَّ إثباتَ بلالٍ مقَدَّمٌ على نفْيِ غيرِه؛ لأنَّ ابنَ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما لم يكُنْ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَئذٍ، وإنَّما أسنَدَ نَفْيَه تارةً لأُسامةَ، وتارةً لأخيه الفضلِ. وقيل: يحتملُ أن يكونَ دُخولُ البَيتِ وقَع مرَّتَينِ، صلَّى في إحداهُما، ولم يُصَلِّ في الأخرى
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ الصَّلاةِ في جَوفِ الكَعبةِ