نوع آخر من التعوذ في الصلاه 2
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن عثمان، قال: حدثنا أبي، عن شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة أخبرته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم»، فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم، فقال: «إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كثيرَ الدُّعاءِ لربِّه، وقد علَّم أمَّتَه كثيرًا من الأدعيةِ النافعةِ لهم
وفي هذا الحديثِ تقولُ عائشةُ زَوجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُكثِرُ التَّعوُّذَ مِن المغرَمِ"، قيل: هو الدَّينُ الَّذي لا يَقدِرُ الإنسانُ على وَفائِه وقَضائِه، وقيل: بل التَّعوُّذُ مِن الدَّينِ مُطلقًا، سواءٌ قدَرَ عليه أو لَم يقدِرْ، "والمأثَمِ"، هو: ما يُسبِّبُ الإثمَ الَّذي يَجُرُّ إلى الذَّمِّ والعُقوبَةِ؛ "فقيل له"، أي: سأَله بعضُ أصحابِه رَضِي اللهُ عَنهم: "يا رسولَ اللهِ، إنَّك تُكْثِرُ التَّعوُّذَ مِن المغرَمِ والمأثَمِ؟"، أي: ما سبَبُ كثرَةِ تعوُّذِك منهما؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّ الرَّجلَ إذا غَرِمَ"، أي: وقَع به الدَّينُ حتَّى لا يَستطيعَ الوفاءَ به، "حدَّث فكَذَب، ووَعَد فأخلَف"، أي: إنَّه يَلجَأُ إلى الكَذِبِ ومخالفَةِ الوُعودِ متعذِّرًا مع مَن يُقاضيه في دَينِه
قيل: وإنَّما كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَدْعو ببَعضِ هذه الأدعيَةِ من باب التَّواضعِ والشُّكرِ للهِ سبحانه وتعالى، وربَّما تقَعُ منه تعليمًا لأمَّتِه؛ لأنَّ بعضَ هذِه الأمورِ قد عُلِمَ أنَّ اللهَ تعالى قد عَصَم نبيَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ مِن الوقوعِ فيها
وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّعوُّذِ باللهِ مِن الدُّيونِ وهُمومِها