ومن حديث جرير بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم 35
مستند احمد
حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن أبي اليقظان عثمان بن عمير [ص:546] البجلي، عن زاذان، عن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللحد لنا، والشق لأهل الكتاب»
علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما يَنْفَعُنا في الدُّنيا والآخرةِ، وما نَفْعَلُه في حياتِنا، وميَّزَنا في أمورِنا عن غيرِنا مِنَ الأممِ حتَّى في طُرُقِ الدَّفْنِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "اللَّحْدُ لنا" أي: لأمواتِنا مَعشرَ المُسلِمينَ، واللحدُ: الشَّقُّ الذي يُعمَلُ في جانبِ القبرِ بقَدْرِ ما يَسعُ الميِّتَ؛ فيُوضَع فيه ثُمَّ يُنصَبُ عليه اللَّبِنَ، وسُمِّي الشقُّ في جانبِ القبرِ لحدًا؛ لأنَّه أُمِيلَ به عن وسَطِ القبر، "والشَّقُّ لغيرِنا"، أي: لأمواتِ أهْلِ الكتابِ أو للكُفَّارِ عُمومًا، والشقُّ: حُفرةٌ مُستطيلةٌ في وسَطِ القبرِ، تُبنَى جوانبُها باللَّبِن، أو غيرِه، يُوضَعُ فيه الميِّتُ ويُسقَّفُ عليه باللَّبِن، أو الخشبِ، أو غيرِهما، ويُرفَعُ السقفُ قليلًا، بحيثُ لا يمسُّ الميِّتَ
وهذا الحَديثُ محمولٌ على أَفضليةِ اللَّحدِ على الشقِّ، لا النَّهيِ عن الدَّفنِ في الشَّقِّ؛ لأنَّ الشَّقَّ كان موجودًا في عَهدِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ومَعمولًا به، ولأنَّ العلماءَ أجمعوا على مشروعيَّةِ الدَّفنِ في اللَّحدِ والشَّقِّ؛ فإنْ كانتِ الأرضُ صُلبةً لا يَنهارُ تُرابُها، فاللحدُ أفضلُ؛ لِمَا فيه مِن الأدلَّةِ، وإنْ كانتْ رَخوةً تنهارُ، فالشقُّ أفضلُ
وفي الحَديثِ: بيانُ كيفيَّةِ الدَّفْنِ للمُسلمينَ، وبَيانُ تَميُّزِ أُمَّةِ الإسلامِ في كافَّةِ أمورِها المُهمَّةِ عن غيرِها