أبواب البيوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم2

سنن الترمذى

أبواب البيوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم2

حدثنا عمر بن حفص الشيباني قال: حدثنا ابن وهب، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، «أن النبي صلى الله عليه وسلم خير أعرابيا بعد البيع» وهذا حديث صحيح غريب
‌‌

الأصلُ في عَقدِ البيعِ إذا تمَّت وتَحقَّقَت فيه أركانُه أن يَنعَقِدَ العقدُ بحيث تَحِقُّ المِلكيَّةُ للمُشتَري والثَّمَنُ للبائعِ، ما لم يَفتَرِقَا.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عَنهما: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم خيَّر أعرابيًّا بعدَ البيعِ"، أي: بعدَ تحقُّقِ البيعِ خيَّرَه بالإيجابِ والقَبولِ وبينَ الفَسخِ، والأعرابيُّ هو الَّذي يكونُ مَسكنُه في الباديةِ والصَّحراءِ، وفي روايةٍ: "اشتَرى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن رجلٍ مِن الأعرابِ حِمْلَ خبَطٍ، فلمَّا وجَب البيعُ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: اختَرْ"، أي: بينَ القَبولِ وإتمامِ البيعِ، وبينَ فسخِه، والخبَطُ: نوعٌ مِن الشَّجرِ، وهو علَفٌ للإبِلِ، فقال الأعرابيُّ: "عَمَرَك اللهُ، بَيْعًا"، أي: طَوَّل اللهُ عُمرَك أو أصلَح حالَك، امتِنانًا منه ورِضًا بخُلُقِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في البيعِ، وقولُه: "بَيْعًا"، أي: أختارُ البيعَ، وقد خيَّره النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعدَ إتمامِ البيعِ مع أنَّه لم يَكُنْ له خيارٌ؛ وذلك لأنَّه أراد أنْ يكونَ صاحِبُه في اطمئنانِ نَفْسٍ، فإنْ رأى أن يَبِيعَ باع، وإنْ بَدَا له أن يَفْسَخَ فَسَخَ، ولا يَضطَرِبُ في أنَّه قد سبَق منه القولُ، فلا يَتمَكَّنُ مِن الرُّجوعِ، وهذا تَحصيلٌ لِتَمامِ التَّراضي؛ فإنَّه وإنْ حَصَلَ بالعَقدِ والإِيجابِ والقَبُولِ أيضًا، لكنَّ الَّذي يَحْصُلُ بعدَ التَّدبُّرِ أتَمُّ منه ما يَحْصُلُ في حالِ العقدِ.