إباحة الذبح بالعود 2
سنن النسائي
أخبرني محمد بن معمر قال: حدثنا حبان بن هلال قال: حدثنا جرير بن حازم قال: حدثنا أيوب، عن زيد بن أسلم - فلقيت: زيد بن أسلم - فحدثني، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: كانت لرجل من الأنصار ناقة ترعى في قبل أحد، فعرض لها، فنحرها بوتد، فقلت لزيد: وتد من خشب أو حديد؟ قال: لا. بل خشب، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله: «فأمره بأكلها»
أَحَلَّ اللهُ لعبادِهِ الطَّيِّباتِ وحرَّمَ عليهِمُ الخبائِثَ، وللصَّيْدِ أحكامٌ بيَّنها اللهُ ورَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ عَدِيُّ بنُ حاتِمٍ الطَّائيُّ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه سأل رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن حُكْمِ الصَّيْدِ بالمِعْراضِ، والمِعْراضُ: خَشبةٌ أو عصًا عَريضةٌ وثَقيلةٌ، وربَّما كان فيها حَديدةٌ مُدَبَّبَةٌ أو لم يكُنْ، وربَّما تكونُ رَقيقةَ الطَّرفَيْنِ غَليظةَ الوَسَطِ، وتُستخدَمُ في الصَّيْدِ. فبيَّن له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه إذا أصاب المِعْراضُ الصَّيْدَ بالجُزْءِ المُدَبَّبِ أو المُحَدَّدِ -وهو النَّصلُ- فحَلالٌ أكْلُهُ؛ لأنَّه في هذه الحالةِ بمنزلةِ ما لو طَعَنه برُمْحِه، أو رماهُ بسَهمِه، فيَجرَحُ جَسَدَ الصَّيدِ ويُنهِرُ الدَّمَ. وأمَّا إذا أصاب المعراضُ الصَّيْدَ بعَرْضِهِ، أي: بجسمِ العَصا أو بمُنتصَفِها، فقَتَلَهُ ولم تُدرِكْهُ حيًّا لِتَذْبَحَهُ؛ فهذا الصَّيْدُ وَقيذٌ، أي: مَقتولٌ وليس مَذبوحًا، فلا يَحِلُّ أكْلُهُ؛ فصار كما لو رماه بحَجَرٍ
ثم سأل عَدِيٌّ رضِيَ اللهُ عنه رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنِ الصَّيْدِ بالكَلْبِ المُدَرَّبِ والمُعَلَّمِ، فبيَّن له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إذا أرسلْتَهُ وذكَرْتَ اسمَ اللهِ عليه عند إرسالِه، فأَمْسَكَ صَيدًا دونَ أنْ يأكُلَ منه؛ فهو حِلٌّ أكْلُهُ. فسأل عَدِيٌّ رضِيَ اللهُ عنه عن الكَلْبِ إذا أكَلَ مِنَ الصَّيدِ قَبْلَ أنْ يَأتيَ به، فنهاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أكلِ الصَّيدِ في هذه الحالةِ؛ لأنَّ الكَلْبَ لم يَحْبِسْهُ ويُوقِعْهُ لك، وإنَّما صاده وحبَسه لنفسِه؛ ليَأكُلَه هو، ولا يَحِلُّ لك
ثم سأل عَدِيٌّ رضِيَ اللهُ عنه عن الكَلْبِ إذا أَمْسَكَ صَيدًا، وقد سَبَق إلى الصَّيدِ نَفْسِهِ كلبٌ آخَرُ، فما الحُكْمُ؟ فنهاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الأكلِ منه؛ وذلك لأنَّه ذكر اسمَ اللهِ على كَلْبِه ليُمسِكَ له، ولم يُسمِّ على الكَلْبِ الآخَرِ؛ فلا يَحِلُّ أَكْلُ هذا الصَّيْدِ، وهذا إذا وَجَدَ الصَّيْدَ مَيِّتًا، أمَّا إذا وجَدَهُ حيًّا فإنَّه يَذبَحُهُ ويَأكُلُهُ
وفي الحَديثِ: بَيانُ أنَّ شرْطَ الأكلِ مِن صَيدِ الكلبِ المُعلَّمِ هو ذِكرُ اسمِ اللهِ عليه، وأنَّ حَياةَ الصَّيدِ وذَبْحَه وذِكرَ اسمِ اللهِ عليه شرْطٌ للأكْلِ مِن صَيدِ الكلبِ غيرِ المُعلَّمِ