إذا لم يكن له دراهم وكان له عدلها 1
سنن النسائي
قال الحارث بن مسكين: قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم، قال: أنبأنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من بني أسد قال: نزلت أنا وأهلي، ببقيع الغرقد فقالت لي أهلي: اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسله لنا شيئا نأكله، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدت عنده رجلا يسأله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «لا أجد ما أعطيك» فولى الرجل عنه وهو مغضب، وهو يقول: لعمري إنك لتعطي من شئت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه ليغضب علي أن لا أجد ما أعطيه، من سأل منكم وله أوقية أو عدلها، فقد سأل إلحافا» قال الأسدي: فقلت للقحة لنا خير من أوقية، والأوقية: أربعون درهما، فرجعت، ولم أسأله، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، شعير، وزبيب، فقسم لنا منه حتى أغنانا الله عز وجل
السَّعيد مَن وُعِظ بغَيرِه، وتعَلَّم مِمَّا يَراه أمامَه
وفي هذا الحديثِ أنَّ رجُلًا مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن بَني أسَدٍ، قال: "نزَلتُ أنا وأهلي"، أي: أهلُ بَيتي "بِبَقيعِ الغَرقَدِ"، وهو مَكانٌ بجِوارِ المَسجِدِ النَّبويِّ مِن جِهَةِ الشَّرقِ، وبه مَقبُرَةُ أهلِ المدينةِ، "فقال لي أهلي: اذهَبْ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فسَلْه لنا شَيئًا نأكُلُه، فجَعَلوا"، أي: أهلُه "يَذكُرون مِن حاجَتِهم"، أي: احتِياجِهم إلى المُساعَدةِ، "قال: فذَهَبتُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فوَجَدتُ عِندَه رَجُلًا يَسأَلُه"، أي: يَطلُبُ مِنه مالًا أو عطاءً، "ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَقولُ: لا أَجِدُ ما أُعطيك"، أي: ليس عِندي الآنَ ما تَطلُبُه، "فتَولَّى الرَّجُلُ عنه وهو مُغضَبٌ، وهو يَقولُ: لَعَمْري"، أي: أُقْسِمُ بحَياتي، "إنَّك لَتُعطي مَن شِئتَ"، أي: مَن تَهْوى أن تُعطِيَه، "فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: يَغضَبُ علَيَّ أنْ لا أَجِدُ ما أُعْطيه!"، أي: ليسَ عِندي ما أُعطيه فكَيف يَحِقُّ له أن يَغضَبَ مِنِّي؟! ثمَّ قال: "مَن سأَل مِنكُم وله أُوقيَّةٌ"، والأوقيَّةُ كانت تُساوي على عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أربَعين دِرهَمًا، "أو عِدْلُها"، أي: ما يُساوي قيمَتَها، "فقد سأَل إلحافًا"، أي: ألَحَّ بشِدَّةٍ في السُّؤالِ وهو مَنهِيٌّ عنه، "قال الأسديُّ"، أي: الصَّحابيُّ راوي الحديثِ: "فقلتُ"، أي: عِندَ سَماعِ ذلك: "لَلِقْحةٌ لنا خيرٌ مِن أوقيَّةٍ"، واللِّقحةُ: هي النَّاقةُ الَّتي تَحلِبُ اللَّبَنَ، قال: "فرجَعتُ ولم أسأَلْه"، أي: لم أَطلُبْ منه شيئًا، "فقَدِم على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بعد ذلك شعيرٌ وزَبيبٌ، فقَسَم لنا منه"، أي: أعطانا مِنه، "أو كما قال"، شكٌّ مِن الرَّاوي، "حتَّى أغنانا اللهُ عزَّ وجلَّ"، أي: عن السُّؤالِ بِما قسَمَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم