اجتماع القوم في موضع هم فيه سواء
سنن النسائي
أخبرنا عبيد الله بن سعيد، عن يحيى، عن هشام قال: حدثنا قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم وأحقهم بالإمامة أقرؤهم»
الصَّلاةُ عبادةٌ تَوقيفيَّةٌ، نؤدِّيها كما علَّمَها لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد بيَّنَ لنا فرائضَها وسُننَها وآدابَها، ومن ذلك الأحَقُّ بالإمامةِ في الصَّلاةِ
وفي هذا الحَديثِ يَأمُرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا كانَ القومُ ثَلاثةً فأكثَرَ، فلْيَجعَلوا لهم إمامًا يُصلِّي بِهم، وإنَّما أمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهذا؛ حتَّى لا يَقَعَ اختِلافٌ وتَناحُرٌ وتَنازُعٌ بيْنَهم، والإمامةُ هُنا إمامةُ الصَّلاةِ، كما بيَّنَ ذلكَ آخِرُ الحَديثِ، حيثُ قال: «وأحقُّهم بالإمامَةِ أقْرَؤُهم»، وهو أكثرُهم حِفظًا للقُرآنِ وفَهمًا له. وفي رِوايةٍ أُخْرى عندَ مُسلمٍ: «يؤمُّ القومَ أقْرَؤُهم لكتابِ اللهِ». فإذا اجتَمَعَ جماعةٌ صالحونَ للإمامةِ، فكان أحدُهم أكثَرَ قرآنًا، كان أحقَّهم بالإمامةِ للمَزيَّةِ الحاصِلةِ فيه، فلو كانوا قدِ استَظهَروا القرآنَ كلَّه، فيرجَّحُ مَن كان أتْقنَهم قراءةً، وأضبَطَ لها، وأحسَنَ تَرتيلًا، فهو الأقْرأُ بالنِّسبةِ إلى هؤلاء، والأفضَلُ أنْ يكونَ أتْقنَهم لكتابِ اللهِ وأكثَرَهم علمًا بالسُّنَّةِ وأحْكامِها
وقد يُفهَمُ من ظاهِرِ الحَديثِ أنَّ الجماعةَ في الصَّلاةِ لا تكونُ إلَّا بثَلاثٍ، لكنْ ما دلَّتْ عليه السُّنَّةُ أنَّ الجماعةَ تكونُ باثْنينِ أيضًا يؤمُّ أحدُهما الآخَرَ
وفي الحَديثِ: فَضلُ مَن كانَ أقرَأَ للقُرآنِ؛ حيثُ كانَ أحقَّ بالإمامةِ في الصَّلاةِ