الأمر بالدنو من السترة
سنن النسائي
أخبرنا علي بن حجر وإسحاق بن منصور قالا: حدثنا سفيان، عن صفوان بن سليم، عن نافع بن جبير، عن سهل بن أبي حثمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته»
الصَّلاةُ صِلةٌ بَين العبدِ وربِّه؛ يقِفُ فيها المصلِّي مُناجيًا ربَّه وهو مُتوجِّهٌ إليه، وقد أمَر الشَّرعُ بالخُشوعِ فيها وعدمِ الانشِغالِ، ووضَع ضَوابِطَ ذلك للمصلِّي ولِمَن هو خارِجَ الصَّلاةِ؛ حتَّى لا تَنقطِعَ الصَّلاةُ أو يَنقطِعَ الخشوعُ بفعلِ أيٍّ منهما
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ سَهْلُ بنُ أبي حَثْمَةَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "إذا صلَّى أحدُكم إلى سُترةٍ"، أي: إذا اتَّخَذ المصلِّي سُترةً؛ وهي الحائلُ والمانِعُ الَّذي يضَعُه أمامَه حتَّى لا يَمُرَّ أحَدٌ وهو يُصلِّي، وفي صَحيح مُسلمٍ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "إذا وضَع أحدُكم بين يَديهِ مِثلَ مُؤخِرَةِ الرَّحلِ فليصلِّ، ولا يُبالِ مَن مَرَّ وراءَ ذلك"، ومُؤخِرةُ الرَّحلِ هو العُودُ الذي يكونُ في آخِرَةِ الرَّحلِ ويُقدَّرُ بذِراعٍ أو ثُلُثَي ذِراعٍ، "فلْيَدنُ مِنها"، أي: فليَقترِبْ مِن هذه السُّترةِ وهذا الحائلِ، وحَدُّ الدُّنوِّ والقرْبِ مِن السُّترةِ أقلُّه ما يَكفي للرُّكوعِ والسُّجودِ والتَّمكُّنِ مِن دفْعِ المارِّ بين المصلِّي وسُترتِه، "لا يَقطَعِ الشَّيطانُ عليه صلاتَه"، أي: حتَّى لا يقطَعَ الشَّيطانُ عليه صلاتَه؛ بأنْ يَشغَلَه عن مُناجاةِ ربِّه بأيِّ وسيلةٍ أو بأنْ يمُرَّ إنسانٌ آخَرُ أو حيوانٌ، فيَقطَعَ عليه الصَّلاةَ؛ وإنَّما نُسِب إلى الشَّيطانِ لأنَّ قطْعَ العبادةِ وإبطالَها مِن أعمالِ الشَّيطانِ
وفي الحديثِ: الأمْرُ باتِّخاذِ سُترَةٍ وحائلٍ أمامَ المصلِّي؛ ليمنَعَ المرورَ مِن أمامِه
وفيه: أنَّ المارَّ مِن أمامِ المصلِّي هو بمَنزلةِ شَيطانٍ