الأنماط

الأنماط

 أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان، عن ابن المنكدر، عن جابر، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تزوجت؟» قلت: نعم، قال: «هل اتخذتم أنماطا؟» قلت: وأنى لنا أنماط؟ قال: «إنها ستكون»

الأنْماطُ هي البُسُطُ الفاخِرةُ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصْحابُه في ضِيقٍ منَ العَيْشِ أوَّلَ أمرِهم حتَّى فتَحَ اللهُ عليهم الفُتوحَ، وصَبَّ عليهم مِن خَزائنِه بفَضْلِه وَجُودِه
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سأَلَه: «هلْ لكم مِن أنْماطٍ؟» أي: هلْ يُوجَدُ لدَيْكم في مَنزلِكم الَّذي تَسْكُنونَه شَيءٌ مِن الأنْماطِ؟ وهو صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعلَمُ أنَّه لا يُوجَدُ لدَيْه شَيءٌ مِن ذلك، وإنَّما أرادَ بسُؤالِه هذا أنْ يُمهِّدَ لِما سيُخبِرُه به مِن الأُمورِ الَّتي تَقَعُ في المُستَقبَلِ، فقال له جابرٌ: «وأنَّى يَكونُ لنا أنْماطٌ؟!» أي: مِن أينَ يَكونُ لنا الأنْماطُ وهي بَعيدةٌ عنَّا كُلَّ البُعدِ؟! فكيفَ نَقتَنيها ونحن لا نَملِكُ مِنَ النُّقودِ ما نَشتَري به الطَّعامَ فَضلًا عن أنْ نَشتَريَها؟! فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما أعلَمَه رَبُّه مِن الغَيبِ: «أمَا إنَّه سيَكونُ لكم أنْماطٌ»، أي: لا تَستَبعِدْ ما سَألتُكَ عنه؛ فعنْ قَريبٍ مِن الزَّمنِ تَمتَلِكونَ الفُرُشَ الفاخِرةَ، وقدْ تَحقَّقَ ما أخبَرَ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ودخَلَتِ الأنْماطُ بَيتَ جابرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فكان يَقولُ لامْرأتِه: أخِّري عنَّا أنْماطَكِ، أي: أبْعِديها عنَّا، فتَقولُ له امْرأتُه: ألم يَقُلِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّه سيَكونُ لنا أنْماطٌ؟ فيَترُكُ جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه الأنْماطَ على حالِها
وفي الحَديثِ: مُعجِزةٌ ظاهِرةٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وعَلَمٌ مِن أعْلامِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ