الإقامة لمن يصلي وحده
سنن النسائي
أخبرنا علي بن حجر قال: أنبأنا إسماعيل قال: حدثنا يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رفاعة بن رافع الزرقي، عن أبيه، عن جده، عن رفاعة بن رافع، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «بينا هو جالس في صف الصلاة» الحديث
الصَّلاةُ رُكنُ الإسلامِ الرَّكينُ، وقد علَّمَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه كيفيَّةَ الصَّلاةِ وسُننَها وآدابَها، وبيَّنَ للأُمَّةِ أنَّ الخُشوعَ والطُّمأنينةَ رُوحُ الصَّلاةِ
وفي هذا الحديثِ بَيانٌ عَمليٌّ لتَعليمِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الصَّلاةَ لِمَن لا يُحسِنُها، وقد ورَدَ هنا في هذا الموضعِ مُختصَرًا، وأخرَجَه النَّسائيُّ كاملًا في أكثرَ من موضعٍ مِن سُنَنِه، وفيه يُخبِرُ رِفاعةُ بنُ رافعٍ الأنصاريُّ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَيْنا هو جالِسٌ في صَفِّ الصَّلاةِ"، أي: بينما هو مُنتظِرُ الصَّلاةِ في الصَّفِّ. وفي روايةٍ: "كُنَّا مع رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ دخَلَ رجُلٌ المسجِدَ" قيل هو: خَلَّادُ بنُ رافعٍ، "فصَلَّى رَكعتَينِ ورسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَرمُقُه"، أي: ينظُرُ إليه ويُراقِبُه في صَلاتِه، "ولا يشْعُرُ"، أي: لا يعلَمُ الرَّجلُ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ينظُرُ إليه، "ثمَّ انصرَفَ"، أي: انْتهى من صَلاتِه، "فأتى رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسلَّمَ عليه، فرَدَّ عليه السَّلامَ"، ثم قال: ارجِعْ، فصَلِّ"، وفي روايةِ أحمدَ: "أعِدْ صَلاتَك"، قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فإنَّك لم تُصَلِّ"، أي: أعِدْ صَلاتَك مرَّةً أُخرى؛ لأنَّك لم تُصَلِّ الصَّلاةَ الَّتي أوجَبَ اللهُ عليك أنْ تُصلِّيَها، حيث تركْتَ الطُّمأنينةَ الَّتي هي رُكنٌ من أركانِ الصَّلاةِ، فقال الرَّجلُ: "لا أدري، في الثَّانيةِ، أو في الثَّالثةِ"، وفي روايةٍ للنَّسائيِّ: "فأعادَها مرَّتينِ، أو ثلاثًا"، أي: أعاد الرجلُ صلاتَه أكثرَ مِن مَرَّةٍ، ثُمَّ قال للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "والَّذي أنزَلَ عليك الكِتابَ، لقد جهَدْتُ؛ فعلِّمْني وأرِني"، فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إذا أردْتَ الصَّلاةَ"، أي: إذا أردْتَ أداءَها فرضًا كانت أو نفْلًا، "فتوضَّأْ، فأحسِنِ الوُضوءَ؛ ثمَّ قُمْ؛ فاستقبِلِ القِبلةَ، ثمَّ كبِّرْ؛ ثمَّ اقرَأْ"، أي: اقرَأْ فاتحةَ الكتابِ، ففي روايةِ أبي داودَ: "ثمَّ اقرَأْ بأُمِّ القُرآنِ، وبِما شاء اللهُ أنْ تقرَأَ"، قال: "ثمَّ اركَعْ، حتَّى تطمئِنَّ راكعًا، ثمَّ ارفَعْ حتَّى تعتدِلَ قائمًا، ثمَّ اسجُدْ حتَّى تطمئِنَّ ساجِدًا، ثمَّ ارفَعْ رأْسَك حتَّى تطمئِنَّ قاعِدًا، ثمَّ اسجُدْ، حتَّى تطمئِنَّ ساجِدًا. فإذا صنَعْتَ ذلك"، أي: إذا فعلْتَ ما ذكرْتُ لك في هذا التَّعليمِ، "فقد قضيْتَ صَلاتَك"، أي: قد أدَّيْتَ صَلاتَك الَّتي أُمِرْتَ بها على وجْهِها، "وما انتقصْتَ من ذلك فإنَّما تنقُصُه مِن صَلاتِك"، أي: ما تترُكُه ولا تُتِمُّه على وجْهِه فإنَّما تَنقُصُه وتترُكُه من صَلاتِك، وينقُصُ من أجْرِك، وفي روايةٍ للنَّسائيِّ: "فإذا لم يفعَلْ هكذا لم تَتِمَّ صَلاتُه"
وفي الحديثِ: تتبُّعُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لأصحابِه في العباداتِ؛ ليُعلِّمَهم ويُقوِّمَ خطَأَهم
وفيه: الحثُّ على الطُّمأنينةِ في الصَّلاةِ والإتيانِ بها على الوجْهِ الأكملِ