باب: الحث على إكرام الجار والضيف وقول الخير أو لزوم الصمت وكون ذلك كله من الإيمان
بطاقات دعوية
كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بأمر المسلمين ويرشدهم إلى التحلي بمكارم الأخلاق ومحاسن الآداب، ويجعل ذلك ثمرة لصدق الإيمان بالله عز وجل
وفي هذا الحديث أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بإكرام الجار والضيف، فيقول: «من كان يؤمن بالله» تعالى إيمانا كاملا، ويؤمن بحقيقة «اليوم الآخر» الذي إليه معاده، وفيه الحساب، وفيه مجازاته بعمله؛ «فليكرم جاره»، وإنما ذكر اليوم الآخر؛ للترغيب في تحصيل الثواب والنجاة فيه من العقاب. والجار هو القريب من الدار، سواء كان من الأقارب أو الغرباء الأباعد، وسواء كان مسلما أو كافرا
«ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته»، وإكرام الضيف يكون بطلاقة الوجه، وطيب الكلام، وإظهار الفرح بمجيئه، والإطعام، ونحو ذلك، ومن الضيوف من يكون حقه أولى، كالضيف المسافر، وهو القادم من بلد آخر، ومثله الذي يأتي من مكان بعيد، فحقه وإكرامه أولى من الزائر من البلد نفسه، وليس قادما من السفر
وقد سأل الصحابة رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جائزة الضيف، ففسرها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها يوم وليلة، يعني: أنه ينبغي على المسلم أن يكرم ضيفه زمان جائزته، وهي يوم وليلة.
ثم بين صلى الله عليه وسلم أن حق الضيف هو ثلاثة أيام يتكلف فيها المضيف لضيافته، فيتكلف له في اليوم الأول مما اتسع له من بر وإلطاف، ويقدم له في اليوم الثاني والثالث ما حضره، ولا يزيد على عادته. فإذا انقضت الثلاثة الأيام فإن حق الضيافة قد انقطع، والزائد عليها يعد صدقة من المضيف على ضيفه وليس حق الضيافة.
ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من كان يؤمن بالله الذي خلقه إيمانا كاملا، واليوم الآخر الذي إليه معاده وفيه مجازاته بعمله؛ «فليقل خيرا أو ليصمت»، يعني: أن المرء إذا أراد أن يتكلم فليتفكر قبل كلامه؛ فإن علم أنه لا يترتب عليه مفسدة ولا يجر إلى محرم ولا مكروه، فليتكلم، وإن كان مباحا فالسلامة في السكوت؛ لئلا يجر المباح إلى محرم أو مكروه
والخير من الكلام على نوعين:
الأول: أن يكون الكلام خيرا في نفسه؛ كذكر الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتعليم مسألة من مسائل العلم والدين
والثاني: أن يكون الخير في المقصود من الكلام؛ كأن تتكلم بكلام مباح من أجل أن تدخل الأنس على مجالسك، وأن ينشرح صدره، هذا أيضا خير وإن كان نفس الكلام ليس مما يتقرب به إلى الله، ولكنه صار خيرا باعتبار النية الحسنة وما يؤدي إليه من خير