باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش
بطاقات دعوية
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم
من حكمة الله تعالى أن فضل بعض الناس على بعض، وقريش ممن فضلهم الله على الناس
وفي هذا الحديث يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس تبع لقريش في هذا الشأن، أي: هم المقدمون في الإمامة والإمارة، وعلى الناس أن يطيعوهم في ذلك ويقدموهم؛ فإن المسلمين تبع لمسلمي قريش، ولا يخرجون عليهم، وكافرهم تبع لكافرهم، فكما كانوا في الجاهلية تتزعمهم قريش في الكفر والشرك، وكما أن قريشا كان منها أول من أنكر الرسالة، وتبعهم المنكرون على ذلك، فأصبحت قريش قدوة لغيرها في الجاهلية والإسلام، فالناس يذعنون لهم في أمر الدين والرياسة؛ فهم أولى الناس بها؛ حتى تجتمع الناس عليهم
ثم أخبر صلى الله عليه وسلم أن الناس معادن، أي: أصول مختلفة، ما بين نفيس وخسيس، كما أن المعدن كذلك، والمعادن جمع معدن؛ وهو الشيء المستقر في الأرض، وكل معدن يخرج منه ما في أصله، وكذا كل إنسان يظهر منه ما في أصله من شرف أو خسة، وإذا كانت الأصول شريفة كانت الفروع كذلك غالبا، والفضيلة في الإسلام بالتقوى، لكن إذا انضم إليها شرف النسب ازدادت فضلا؛ وعلى هذا فخيار الناس وأشرافهم في حقبة ما قبل الإسلام، هم خيار الناس وأشرافهم في ظل الإسلام، إذا أسلموا وتفقهوا أصوله وأحكامه؛ فإن الأفضل هو من جمع بين الشرف في الجاهلية والشرف في الإسلام، ثم أضاف إلى ذلك التفقه في الدين
ثم أخبر صلى الله عليه وسلم أن من خير الناس وأفضلهم للإمارة أشدهم لها كراهية؛ خوفا من أن تثقل عليه الحقوق والواجبات، وإعطاء حق الله، وحق الناس فيها، «حتى يقع فيه»، فإذا ما وقع أحدهم في الحرص عليها، زالت عنه صفة الخيرية. وقيل: المعنى أنهم إذا ما تولوا أزال الله عنهم الكراهية للإمارة، حتى يقدروا أن يقوموا بواجبهم نحوها. وقيل: الشأن هنا هو الإسلام، والناس هم من كانوا أشد الناس كراهية له، كما كان من عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو رضي الله عنهم، وغيرهم ممن كان يكره الإسلام كراهية شديدة، فلما دخل فيه أخلص، وأحبه، وجاهد فيه حق جهاده
وفي الحديث: بيان بعض مناقب قريش، وما لها من مكانة عالية، ومقام رفيع عند العرب
وفيه: أن الدخول في الإسلام هو الشرف الحقيقي لمن فقه وفهم
وفيه: فضل التقوى، والعمل الصالح، والفقه في الدين
وفيه: طيب النسب معتبر في رفع منزلة الرجل إذا كان مؤمنا تقيا فقيها