الائتمام بمن يأتم بالإمام 2
سنن النسائي
أخبرنا محمود بن غيلان قال: حدثني أبو داود قال: أنبأنا شعبة، عن موسى بن أبي عائشة قال: سمعت عبيد الله بن عبد الله يحدث، عن عائشة رضي الله عنها، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس. قالت: وكان النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي أبي بكر، فصلى قاعدا وأبو بكر يصلي بالناس والناس خلف أبي بكر "
كان لأبي بَكرٍ رضِي اللهُ عنه عَظيمُ فَضلٍ ومكانةٍ منذُ أنْ صَحِب النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهذا ممَّا أهَّلَه لِخلافةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على المُسلِمين
وفي هذا الحَديثِ تُخبرُ عائشةُ رضي اللهُ عنها: "أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَر أبا بكرٍ أن يُصلِّيَ بالنَّاسِ"، وذلك حين كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مَرَضِ موتِه، فاستَجاب أبو بكرٍ لقولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وجعل يُصلِّي بالنَّاسِ لأيَّامٍ، فلمَّا وَجَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في نفْسِه خِفَّةً في بعضِ تلك الأيَّامِ قام فصلَّى معه، كما في روايةِ الصَّحيحينِ: "فصلَّى أبو بكرٍ تلك الأيَّامَ، ثمَّ إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وَجد من نفْسِه خِفَّةً، فخرَج بين رجُلين- أحدُهما العبَّاسُ- لصَلاةِ الظُّهرِ وأبو بكرٍ يصلِّي بالنَّاسِ، فلمَّا رآه أبو بكرٍ ذَهَب ليتأخَّرَ، فأوْمأَ إليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأن لا يتأخَّرَ، قال: أجْلِساني إلى جَنبِه، فأجْلَساه إلى جنْبِ أبي بكرٍ"
قالت عائشةُ رضي اللهُ عنها: "وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين يَدَيْ أبي بَكرٍ"، أي: يُصلِّي إمامًا لأبي بَكرٍ، "فصلَّى قاعدًا، وأبو بَكرٍ يُصلِّي بالنَّاسِ، والنَّاسُ خلْفَ أبي بكرٍ"، أي: مِن حيثُ إنَّه كان يُسمِعُهم تَكبيرَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. وفي روايةِ مُسلمٍ: " قالت: فلمَّا دخَلَ المسجدَ سمِعَ أبو بَكرٍ حِسَّه، ذَهب يَتأخَّرُ، فأَومأَ إليه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قُمْ مكانَك، فجاء رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى جلَس عن يَسارِ أبي بكرٍ قالت: فكان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي بالنَّاسِ جالِسًا وأبو بكرٍ قائمًا، يَقتدي أبو بكرٍ بصَلاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَقتدي النَّاسُ بصَلاةِ أبي بَكرٍ"، وذلك أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد ضعُفَ بَدنُه وصوتُه فقام أبو بكرٍ مقامَ المُبلِّغِ
وفي الحديثِ: تأكيدُ أمْرِ الجَماعةِ، والأخْذِ فيها بالأشدِّ، وإنْ كان المرَضُ يُرخِّصُ في تَركِها
وفيه: تَقديمُ الأفقَهِ والأَقرأِ في الصَّلاةِ، وقد جَمَع الصِّدِّيقُ رضِيَ اللهُ عنه بين الفقْهِ والقُرآنِ في حياةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفيه: مَنقُبةٌ لأبي بَكرٍ حيثُ اختارَه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ لإمامةِ المسلِمين في الصَّلاةِ