الاختلاف على عائشة في إحياء الليل 1
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا سفيان، عن أبي يعفور، عن مسلم، عن مسروق، قال: قالت عائشة رضي الله عنها: «كان إذا دخلت العشر أحيا رسول الله صلى الله عليه وسلم الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر»
العَشرُ الأَواخِرُ مِن رمضانَ هِي خَيرُ لِيالي السَّنةِ؛ فيها لَيلةُ القَدْرِ، وهي خيرٌ مِن ألْفِ شَهْرٍ، كما أخبَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ في مُنزَلِ كِتابِه؛ ولذلك كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجتهِدُ جِدًّا في عِبادةِ رَبَّهِ سُبحانَه في هذه اللَّيالي، ويَحثُّ أهْلَه على ذلِك
وفي هذا الحَديثِ تُبيِّنُ عائشةُ رضِي اللهُ عنها حالَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذه العَشْرِ مِن اجتِهادِه في العِبادةِ وحثِّ أهْلِه عليها، فتقولُ: «كان إذا دخَلَتِ العَشرُ الأَواخرُ مِن رمضانَ» ويكونُ بِدايةُ تلك العشْرِ مِن لَيلةِ الحادي والعِشرينَ، «شَدَّ مِئزرَه»، وهو ما يُلبَسُ مِنَ الثِّيابِ أسْفلَ البدَنِ، وهذا إشارةٌ إلى اعتِزالِ النِّساءِ في الفِراشِ وعَدمِ مُجامَعتِهنَّ، أو يَحتَمِلُ أنْ تُريدَ به الجِدَّ في العِبادةِ؛ فإنَّه يُقالُ: شَدَدْتُ في هذا الأمرِ مِئزَري، بمَعْنى: تَشمَّرْتُ له وتَفرَّغْتُ، «وأحْيا لَيلَه»، بِالسَّهرِ للعِبادةِ، «وأيقظَ أهلَه»؛ لِيُصلُّوا مِن اللَّيلِ، وهذا مِن تَشجيعِ الرَّجُلِ أهلَه على أداءِ النَّوافلِ والعِباداتِ، وتَحصيلِ خَيرِ تلك الأيَّامِ
وفي الحديثِ: أنَّ اغتِنامَ أوقاتِ الفَضْلِ يَحتاجُ إلى عزْمٍ وصَبْرٍ ومُجاهَدةٍ للنَّفْسِ