الاستعاذة من الشقاق، والنفاق، وسوء الأخلاق
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا خلف، عن حفص، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذه الدعوات: «اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ودعاء لا يسمع، ونفس لا تشبع»، ثم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع»
أعطى اللهُ نبيَّه محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الفصاحةَ والبيانَ وجوامِعَ الكَلِمِ؛ فكان في دُعائه يأتي بالمعاني العَظيمةِ في ألفاظٍ يسيرةٍ، ولكنَّها معبِّرةٌ وجامعةٌ، تشمَلُ الموعظةَ والتَّعليمَ لأمَّتِه
وفي هذا الحديثِ كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يدعو ويقولُ: "اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن الأربَعِ"، أي: ألجَأُ إليك وأستجيرُ من شرِّ أربعةِ أمورٍ: "مِن عِلمٍ لا يَنفَعُ"، أي: أعوذُ بك وأستجيرُ مِن العلمِ الَّذي لا يعودُ بالنَّفعِ على صاحبِه، وبالهدايةِ إلى الحقِّ والرَّشادِ، والنَّفعِ في أمورِ الدُّنيا والآخرةِ؛ كالسِّحرِ، والتَّنْجيمِ، والرَّجمِ بالغيبِ، "ومِن قلبٍ لا يَخشَعُ"، وأعوذُ بك مِن القلبِ القاسي الَّذي لا يتَأثَّرُ ولا يَذِلُّ للهِ، ولا يَنقادُ لأُمورِ الشَّرعِ والطَّاعاتِ، "ومِن نفسٍ لا تَشبَعُ"، أي: وأعوذُ بك مِن النَّفسِ الطَّمَّاعةِ والشَّرِهةِ الَّتي لا تَشبَعُ من الدُّنيا مهما أوتِيَتْ، وهذه النَّفسُ تُورِدُ صاحِبَها مَوارِدَ الهلاكِ، وتَحثُّه على الحرامِ والانغماسِ في الشَّهواتِ، "ومِن دُعاءٍ لا يُسمَعُ"، أي: وأعوذُ بك مِن أن أدعُوَ ولا تَستَجيبَ لي دُعائي وتَرُدَّه وهذا إشارةٌ إلى أنَّ صاحبَ هذا الدُّعاءِ ممَّن سَخِط وغَضِب اللهُ عليه