الاستعاذة من شر البصر

سنن النسائي

الاستعاذة من شر البصر

 أخبرنا عبيد بن وكيع بن الجراح، قال: حدثنا أبي، عن سعد بن أوس، عن بلال بن يحيى، عن شتير بن شكل بن حميد، عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله، علمني دعاء أنتفع به، قال: «قل اللهم عافني من شر سمعي وبصري، ولساني وقلبي، ومن شر منيي» يعني ذكره

كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم يَقصِدون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حريصينَ على أن يَتعلَّموا منه ما ينفَعُهم في الدُّنيا والآخرةِ

وفي هذا الحَديثِ يقولُ شَكَلُ بنُ حُمَيْدٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، علِّمْني تعوُّذًا"، أي: دُعاءً، "أتعوَّذُ به"، أي: ألجأُ وأستجيرُ باللهِ فيه أن يحفَظَني مِن شرورِ الدُّنيا والآخرة، قال شَكَلٌ: "فأخَذ"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "بكفِّي"، أي: أمسَك به؛ وذلك لإعطائِه شُعورًا بمَزيدِ اعتناءٍ واهتمامٍ منه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم به وبسؤالِه، فقال صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "قُلْ"، أي: ادْعُ بهذا الدُّعاءِ: "اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن شرِّ سَمْعي"، أي: أنْ يكونَ في مَعصيتِكَ؛ كتنَصُّتٍ وتجسُّسٍ فيما حرَّم اللهُ عزَّ وجلَّ، "ومِن شرِّ بصَري"، أي: أن أُطلِقَه فيما أمَر اللهُ عزَّ وجلَّ بغَضِّ البصرِ عنه، "ومِن شرِّ لساني"، أي: مِن الكلامِ الَّذي لا يكونُ فيه ذِكرُ الله تعالى، أو ممَّا أباحه اللهُ عزَّ وجلَّ، "ومِن شرِّ قَلْبي"، أي: مِن أن يعتقِدَ اعتقادًا فاسدًا، أو يكونَ به حِقْدٌ أو حسَدٌ أو حبٌّ للمعاصي وأهلِها، "ومِن شَرِّ مَنِيِّي- يَعْني: فَرْجَه"، أي: أعوذُ بك أن أُوقِعَه في غَيرِ مَحلِّه أو يُوقِعَني في الزِّنا، أو أنْ يَغلِبَ عليَّ حتَى أقَعَ في الزِّنا أو مُقدمِّاته، وقيل: المرادُ الاستعاذةُ مِن شَرِّ شِدَّةِ الشَّهوةِ إلى الجِماعِ؛ فإنَّه بالإفراطِ ربَّما أوْقَعَ في الزِّنا أو مُقدِّماتِه. وتَخصيصُ هذِه المذكوراتِ بالاستعاذةِ منها؛ لأنَّها أصلُ كلِّ شَرٍ وقاعدتُه ومَنبعُه