الاستعاذة من ضيق المقام يوم القيامة

سنن النسائي

الاستعاذة من ضيق المقام يوم القيامة

 أخبرني إبراهيم بن يعقوب، قال: حدثنا زيد بن الحباب، أن معاوية بن صالح، حدثه، وحدثني أزهر بن سعيد يقال له: الحرازي شامي عزيز الحديث، عن عاصم بن حميد قال: سألت عائشة: بما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح قيام الليل؟ قالت: سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد، كان يكبر عشرا، ويسبح عشرا، ويستغفر عشرا، ويقول: «اللهم اغفر لي واهدني، وارزقني، وعافني»، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة

صَلاةُ اللَّيلِ شرَفُ المُؤمنِ؛ ولذلك كان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحافِظُ على قِيامِه، ويحُثُّ النَّاسَ على ذلك، وكان له مِن الأدعيةِ والأذكارِ الَّتي تشتمِلُ عليها تلك الصَّلاةُ
وفي هذا الحديثِ يقولُ التَّابعيُّ عاصمُ بنُ حُمَيدٍ: "سأَلْتُ عائشةَ: ماذا كان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يفتتِحُ به قِيامَ اللَّيلِ؟"، أي: الدُّعاءُ والذِّكرُ الَّذي كان يَفتتِحُ به صَلاتَه في اللَّيلِ، فقالت له عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "لقد سألْتَني عن شَيءٍ ما سأَلَني عنه أحدٌ قبْلَك"، أي: لم يَسبِقْك أحدٌ إلى سُؤالِه، "كان يُكبِّرُ عَشْرًا"، أي: يقولُ: اللهُ أكبرُ، عشْرَ مرَّاتٍ، "ويحمَدُ عشْرًا"، أي: يقولُ: الحمدُ للهِ، عشْرَ مرَّاتٍ، "ويُسبِّحُ عشْرًا"، أي: يقولُ: سُبحانَ اللهِ، عشْرَ مرَّاتٍ، "ويستغفِرُ عشْرًا"، أي: يقولُ: استِغفِرُ اللهُ، عشْرَ مرَّاتٍ، "ويقولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي واهْدِني، وارْزُقني وعافِني، ويتعوَّذُ مِن ضِيقِ المَقامِ يومَ القيامةِ"، أي: الأهوالِ الَّتي تحدُثُ فيه، وهذا الدُّعاءُ هو دُعاءُ الاستفتاحِ، ويَحْتَمِلُ أنَّه كان يقولُه مع تَكبيرةِ التَّحريمِ أو بعدَها، وعندَ مُسلِمٍ عن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، قالت: كان إذا قام مِن اللَّيلِ افتتَحَ صَلاتَه: "اللَّهُمَّ رَبَّ جِبرائيلَ ومِيكائيلَ وإسرافيلَ، فاطِرَ السَّمواتِ والأرضِ، عالمَ الغيبِ والشَّهادةِ، أنتَ تحكُمُ بينَ عِبادِك فيما كانوا فيه يَختلِفونَ، اهْدِني لِمَا اختُلِفَ فيه مِن الحقِّ بإذنِكَ، إنَّك تَهْدي مَن تشاءُ إلى صِراطٍ مُستقيمٍ"، وورَدَ غيرُ ذلك، وهذا مِن التَّنويعِ في الدُّعاءِ؛ فمَرَّةً دَعا بالدُّعاءِ الأوَّلِ، ومَرَّةً أُخرى بالدُّعاءِ الثاني
وكان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفتتِحُ الصَّلاةَ برَكعتَينِ خَفيفتَينِ؛ لينشَطَ لِمَا بعدَهما مِن الرَّكعاتِ، أي: يبدَأُ الصَّلاةَ برَكعتَينِ خَفيفتَينِ، كما في صَحيحِ مُسلِمٍ
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ دُعاءِ الاستِتفاحِ في أوَّلِ الصَّلاةِ والدُّعاءِ بما ليس مِن القُرآنِ