الاستعاذة برضاء الله من سخط الله تعالى

سنن النسائي

الاستعاذة برضاء الله من سخط الله تعالى

 أخبرنا إبراهيم بن يعقوب، قال: حدثني العلاء بن هلال، قال: حدثنا عبيد الله، عن زيد، عن عمرو بن مرة، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن مسروق بن الأجدع، عن عائشة قالت: طلبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في فراشي، فلم أصبه، فضربت بيدي على رأس الفراش، فوقعت يدي على أخمص قدميه، فإذا هو ساجد يقول: «أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك»

كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَجتهِدُ في التقرُّبِ إلى اللهِ بقيامِ الليلِ، ويُكثِرُ الدُّعاءَ والتَّضرُّعَ

وفي هذا الحديثِ تقولُ عائشةُ رضي الله عنها: "فقَدْتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ليلةً مِن الفِراشِ"، أي: إنَّها كانت ليلتُها، فاستيقظَتْ من اللَّيلِ فلم تجِدِ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم في فراشِه، "فالتمَسْتُه"، أي: جعلتْ تَطلُبه بيدِها وتَبحَثُ أين هو، "فوقعَتْ يدي على بطنِ قدمَيْه وهو في المسجدِ وهما منصوبتانِ"، أي: لمستْ بيدِها قَدَمَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو في حالِ سُجودِه، ويدْعو ويقولُ: "اللَّهمَّ أعوذُ برِضاكَ مِن سخَطِكَ"، أي: ألجأُ وأستجيرُ بما تَرضَى به عنِّي ممَّا تَسخَط وتَغضَب به عليَّ
"وبمُعافاتِك مِن عقوبتِك"، أي: أَلْجأُ وأستجيرُ بما تَعفُو به عنَّي ممَّا يَقعُ به عقوبةٌ منك، "وأعوذُ بكَ منك"، أي: وأَلْجأُ وأستجيرُ بكُلِّ صفةٍ مرغوبٍ فيها مِن صفاتِ اللهِ، مِن كلِّ صفةٍ مرهوبٍ منها مِن صِفاتِ اللهِ، "لا أُحصي ثناءً عليكَ، أنتَ كما أثنَيْتَ على نفْسِكَ"، أي: لا أستطيعُ أن أُوفِّيَكَ الشُّكرَ والحمدَ على نِعَمِكَ وأَفضالِك، وأنتَ يا ربِّ، كما أثنَيْتَ على نفسِكَ، وهذا اعترافٌ بالعجزِ عن أداءِ شُكرِ النِّعَمِ
وفي الحديثِ: بيانُ هَدْيِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم واهتمامُه بالقِيامِ والصَّلاةِ للهِ في جَوفِ اللَّيلِ
وفيه: وقوعُ الغَيرةِ بينَ الضَّرائرِ؛ حتَّى عند الفُضليَاتِ الصَّالحاتِ وأمَّهاتِ المُؤمنينَ
وفيه: إثباتُ صِفَتَي الرِّضا والسَّخَطِ للهِ تعالى؛ والاستعاذةُ بصِفاتِ اللهِ تعالى؛ فإنَّ الصِّفَةَ المُستعاذَ بها والصِّفَةَ المُستَعاذَ منها صِفتان لموصوفٍ واحدٍ وربٍّ واحدٍ، فالمُستعيذُ بإحْدى الصِّفتين من الأُخرَى مُستعيذٌ بالمُوصوفِ بِهما منه