التمتع 5

سنن النسائي

التمتع 5

 أخبرنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، قال: أنبأنا أبي، قال: أنبأنا أبو حمزة، عن مطرف، عن سلمة بن كهيل، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: سمعت عمر، يقول: «والله إني لأنهاكم عن المتعة، وإنها لفي كتاب الله ولقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم» يعني العمرة في الحج

التَّمتُّعُ أحَدُ أنساكِ الحجِّ الثَّلاثةِ، وهو أن يَنوِيَ الحاجُّ عُمرةً مع حَجَّتِه، فإذا قدِمَ مكَّةَ واعتمَر وانتهَى مِن عُمرتِه، تَحلَّلَ مِن إحرامِه وتَمتَّعَ بكلِّ ما هو حَلالٌ، حتَّى تبدَأَ مناسِكُ الحجِّ فيُحرِمَ بالحَجِّ
وفي هذا الحديثِ يقولُ عُمَرُ بن الخَطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه: "واللهِ إنِّي لأنهاكم عنِ المُتعةِ"، أي: عن جَعلِ العُمرةِ مع الحجِّ، "وإنَّها لفي كتابِ اللهِ"، أي: وإنْ ذُكِرَ التَّمتُّعُ فيه؛ وذلكَ في قولِه تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196]، "ولقد فعَلَها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم- يعني: العُمرةَ في الحجِّ-، أي: وإنْ كان قد فعَلها النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وعُرِفَتْ عنه، وليس مرادُ عُمَرَ رَضِي اللهُ عَنه بذلكَ مُخالَفةَ القُرآنِ والسُّنَّةِ، ولكن هذا مِن تأويلِه لهما، وقد قيل في نَهيِه ذلكَ: إنَّه لم يَنْهَ عنِ التَّمتُّعِ نَهْيًا مطلَقًا، بل مِن قَبيلِ التَّرغيبِ في الإفرادِ، بأنْ يُفرِدوا الحَجَّ بسَفْرةٍ، والعُمرةَ كذلك؛ لأنَّ العُمرةَ مفتوحةٌ طَوالَ العامِ، ولأنَّه كان يُفسِّر قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} بأنَّ الإتمامَ إفرادُ كلِّ نُسكٍ على حِدَةٍ، وقد رَوَى النسائيُّ: أنَّ أبا موسى سأل عُمرَ عن ذلِك، فقال عُمرُ: قد علمتُ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قد فَعَلَه، ولكنْ كرهتُ أنْ يَظلُّوا مُعرِّسينَ بهنَّ في الأراكِ، ثم يَروحوا في الحجِّ تَقطُر رُؤوسُهم"، ومعناه: كرهتُ التمتُّعَ؛ لأنَّه يَقتضي التحلُّلَ ووطءَ النِّساءِ إلى حِينِ الخُروجِ إلى الحجِّ