التمتع 4
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار - واللفظ له - قالا: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن عمارة بن عمير، عن إبراهيم بن أبي موسى، عن أبي موسى، أنه كان يفتي بالمتعة، فقال له رجل: رويدك ببعض فتياك، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعد حتى لقيته فسألته، فقال عمر: «قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعله، ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك، ثم يروحوا بالحج، تقطر رءوسهم»
علَّمَنا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الحجَّ والعُمرةَ وأركانَهما وسُننَهما وآدابَهما، كما أعلَمَنا بالمواقيتِ الزَّمانيَّةِ والمكانيَّةِ لهما، وما يُباح فيهما وما يَحرُمُ
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ إبراهيمُ بنُ أبي موسى: "أنَّ أبا موسى الأشعريَّ رضِيَ اللهُ عنه كان يُفْتي بالمُتعةِ"، أي: بجَوازِ التَّمتُّمعِ بالعُمرةِ مع الحجِّ، والتَّمتُّعُ في الحجِّ هو: أنْ يَنوِيَ الحاجُّ عُمرةً مع حجَّتِه، فإذا قدِمَ مكَّةَ واعتمَرَ وانتهى مِن عُمرتِه، فله أنْ يتحلَّلَ مِن إحرامِه ويَتمتَّعَ بكلِّ ما هو حلالٌ، حتَّى تبدَأَ مناسِكُ الحجِّ، "فقال له رجُلٌ: رُوَيْدَك بعضَ فُتْياك"، أي: توقَّفْ في فَتواكَ الَّتي تقولُ بالتَّمتُّعِ في الحجِّ؛ "فإنَّك لا تَدْري ما أحدَثَ أميرُ المُؤمنينَ في النُّسكِ بعدك"، أي: أنَّ عمَرَ رضِيَ اللهُ عنه وهو في خِلافتِه نَهى عن التَّمتُّعِ في الحجِّ، "حتَّى لَقِيتُه بعدُ، فسألْتُه، وفي روايةِ مُسلمٍ: "حتَّى لقِيَه بعدُ، فسأَلَه"، أي: انتظَرَ أبو موسى الأشعريُّ رضِيَ اللهُ عنه حتَّى قابَلَ عمَرَ وسأَلَه عن فُتياه تلك، فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه: "قد علِمْتَ أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فعَلَه وأصحابُه"، أي: يعلَمُ أنَّ التَّمتُّعَ بالعُمرةِ إلى الحَجِّ هو مِن فعلِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابِه مِن بعدِه، "ولكنِّي كَرِهْتُ أنْ يَظلُّوا بِهنَّ مُعرِّسينَ تحت الأراكِ"، أي: كَرِهَ عمرُ للمُتمتِّعِ مُخالطتَه للنِّساءِ إلى أنْ يَدخُلَ وقتُ الحجِّ؛ لأنَّه يَقْتضي التَّحلُّلَ ووطْءَ النِّساءِ إلى حين الخُروجِ إلى عَرفاتٍ، والأراكُ: نوعٌ مِن الشَّجرِ يُسْتَظَلُّ به، ويُسْتَخْرَجُ منه المِسواكُ، "ثمَّ يَرُوحونَ بالحجِّ تقطُرُ رُؤوسُهم"، أي: مِن مياهِ الاغتسالِ مِن الجَماعِ القريبِ