الاستعاذة من عذاب جهنم
سنن النسائي
أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا أبو عامر العقدي، قال: حدثنا شعبة، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي هريرة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عذاب جهنم، وعذاب القبر، والمسيح الدجال»
لقدْ بيَّن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مَناسِكَ الحجِّ وآدابَه، وقد نقَلَها الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم كما تَعلَّموها مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ورأَوُه يَفعَلُها في حَجَّةِ الوداعِ، ومِن ذلك: آدابِ الدُّعاءِ في يومِ عَرفةَ الذي هو خيرُ الدُّعاءِ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ أسامةُ بنُ زيدٍ رَضِي اللهُ عَنهما: "كنتُ رَديفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: راكِبًا خلْفَه على ناقَتِه "بعرَفاتٍ" وهي: اسمٌ للبقعةِ المعروفةِ الَّتي يجِبُ الوقوفُ بها، ويومُ عرَفةَ يومُ الوقوفِ بها، ويكونُ في اليومِ التَّاسعِ مِن ذي الحَجَّةِ، وهي على نحوِ 20 كيلو مترًا تقريبًا من مكَّةَ، وقيل: إنَّها سُمِّيَت بذلك لأنَّ آدمَ عليه السَّلامُ عرَف حوَّاءَ فيها، وقيل: لأنَّ جبريلَ عليه السَّلامُ عرَّف إبراهيمَ عليه السَّلامُ فيها المناسِكَ، وقيل: لِتَعارُفِ النَّاسِ فيها، وقيل: هي مأخوذةٌ مِن العَرْفِ وهو الطِّيبُ؛ لأنَّها مقدَّسةٌ
قال أسامة رضِيَ اللهُ عنه: فرَفَع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم "يدَيه يَدعو فمالَت به ناقتُه"، أي: كان رافِعًا يدَيه يَدْعو في يومِ التَّاسعِ مِن ذي الحَجَّةِ بعرَفةَ، فتحرَّكَتِ النَّاقةُ وهو يَدعو، وكان مُمسِكًا بخِطَامِها أو كان بينَ يدَيه، "فسقَط خِطامُها" والخِطامُ ما يُوضَعُ على فَمِ الجمَلِ وأنفِه لِيُقادَ به، "فتناوَلَ الخِطامَ بإحْدَى يدَيه وهو رافعٌ يدَه الأخرى"، أي: استمَرَّ بالدُّعاءِ، وظلَّ رافِعًا إحْدَى يدَيه، وأخَذَ بالأخرى الخِطامَ الَّذي سقَط
وفي الحديثِ: بيانُ تَواضُعِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، حيثُ يَحمِلُ على ناقتِه غيرَه ويقودُها بنفسِه
وفيه: رَفعُ اليدينِ في الدُّعاءِ بعرفةَ
وفيه: بيانُ أنَّ الحرَكةَ اليسيرةَ أثناءَ الدُّعاءِ لا تَشغَلُ عنه