الاستعاذة من فتنة الممات 2
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن ميمون، عن سفيان، عن عمرو، عن طاوس، عن أبي هريرة، وأبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عوذوا بالله عز وجل من عذاب الله، عوذوا بالله من فتنة المحيا والممات، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المسيح الدجال»
حرَصَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم على تعليمِ أمَّتِه، وأنْ يُبيِّن لهم كلَّ شَيءٍ حتَّى صفةَ الدُّعاءِ وما يُستعاذُ منه؛ فيعظمُ خوفُهم مِنَ اللهِ وافتقارُهم إلِيه، ومِنْ هذا ما ذكرَهُ ابنُ عبَّاسٍ
في هذا الحديثِ: أنَّ الرسولَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كانَ يُعلِّمُهم هذا الدُّعاءَ فيقولُ لهم قولوا: (اللَّهمَّ إنَّا نعوذُ بِكَ مِن عذابِ جهنَّمَ)، أي: نعتصِمُ ونستجيرُ بك مِنْ عذابِ جهنَّمَ، وهنا إشارةٌ إلى وجودِها، وفيه الرَّدُّ على مَنْ يُنكرُها، وقُدِّمَتْ لشدَّةِ أمرِها؛ ولأنَّ عذابَها فوقَ كلِّ عذابٍ، و(أعوذُ بِكَ من عذابِ القبرِ)، أي: مِن عُقوبتِه وما يقعُ فيه منَ العذابِ، وفيه إشارةٌ إلى الرَّدِّ على مَنْ يُنكرُ وجودَه، و(أعوذُ بِكَ مِن فتنةِ المسيحِ الدَّجَّالِ)، أي: أعوذُ بكَ مِن تصديقِه في زعْمِه، أو أنْ أقعَ تحتَ غوايتِه، وهذا تأكيدٌ على أنَّ وعْدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بخروجِه كائنٌ، ولأنَّ السَّاعةَ لَمَّا كانَ وقتُها غيرَ معلومٍ وهي تأتي بَغتةً، وكانَ مِنْ أشراطِها خروجُ الدَّجَّالِ أُمِرْنا بالتَّعوُّذِ مِن فتنَتِه؛ لأنَّها عظيمةٌ لِمَن أدركَها ولمْ يعصِمْه اللهُ تعالى منها، و(أعوذُ بِكَ مِن فتنةِ المحيا والمماتِ)، وفِتنُ المحيا كثيرةٌ، كالفِتنةِ في الدِّينِ والمالِ والأهْلِ، وما يَتعرَّضُ لَه الإنسانُ في الدُّنيا، وفتنُ المماتِ أكثرُ وأعظمُ، كمَنْ يُفتتَنُ في دِينِه عندَ الموتِ، أو في القبرِ، أو سوءِ الخاتمةِ، أو غيرِ ذلك من أمورِ الآخرةِ، نسألُ اللهَ العافيةَ، وقولُه: كما يُعلِّمُهم السُّورةَ مِن القرآنِ، وهو تأكيدٌ على هذا الدُّعاءِ، والحثِّ الشَّديدِ عليه، وشدَّةِ حاجتِهم لَهُ