البيعة على الأثرة 2
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة قال: حدثنا يعقوب، عن أبي حازم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عليك بالطاعة في منشطك ومكرهك، وعسرك ويسرك، وأثرة عليك»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحرِصُ على تَوضيحِ أُمورِ الدِّينِ والدُّنيا للمسْلِمين، ومِن ذلك أنَّه أمَرَ النَّاسَ أنْ يَلْزَمُوا السَّمْعَ والطَّاعةَ لولاةِ أُمورِهم؛ لِمَا في الخُروجِ عليهم مِنَ المَفاسِدِ الكَبيرةِ، وحَذَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن شَقِّ عَصا الطَّاعةِ، ومُفارَقةِ الجَماعةِ أو إلحاقِ الضَّررِ بالمسْلِمين
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه: «عَليْك السَّمْعَ والطَّاعةَ»، أي: الْزَمْ طاعةَ وُلاةِ الأُمورِ والاتِّباعَ لهم، «في عُسْرِك ويُسْرِك»، أي: في حالِ الفَقْرِ والغِنَى، وفيما يشُقُّ وتَكرَهُه النُّفوسُ وغيرُه، وفيما يَسهُلُ عليكَ وتُحِبُّه نفْسُكَ، وفي حالِ «مَنْشَطِك» أي: في الأمرِ الَّذي إذا أُمِرْتَ به نَشِطْتَ له؛ لأنَّه يُوافِقُ هَوَاكَ، و«مَكْرَهِكَ» وهو الأمرِ الَّذي إذا أُمِرْتَ به لم تَكُنْ نَشِيطًا فيه؛ لأنَّك تَكرَهُه، والمرادُ وُجوبُ السَّمعِ والطَّاعةِ في كلِّ ما يَأمُرُ به الأميرُ، رَضِيَه المأمورُ أو سَخِطَه، ما لم يكُنْ مَعصيةً؛ لِما في الصَّحيحينِ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «لا طاعةَ في مَعصيةِ اللهِ؛ إنَّما الطَّاعةُ في المعروفِ»، وكذلك تَلزَمُ طاعتُه في حالِ الأثَرةِ عليكَ، وهي الاستئثارُ والاختصاصُ بأُمورِ الدُّنيا عليكَ، يعني: إذا فضَّل وَلِيُّ الأمرِ عليك غيرَك في الاستِحقاقِ ومَنَعك حقَّك، فاصْبِرْ ولا تُخالِفْه