التشديد في الحلف بغير الله تعالى 1
سنن النسائي
أخبرنا علي بن حجر، عن إسماعيل وهو ابن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله»، وكانت قريش تحلف بآبائها، فقال: «لا تحلفوا بآبائكم»
كان مِن عادةِ العربِ أنْ يَحلِفوا بِآبائهم، والحلِفُ بِالشَّيءِ تَعظيمٌ له؛ ولذلك نَهى اللهُ سُبحانه وتعالَى عَن الحلِفِ بِغيرِه؛ لأنَّ حَقيقةَ العظمَةِ مُخْتصَّةٌ بِاللهِ تعالَى، فلا يسُاوَى به غيرُه
وفي هذا الحديثِ يحكي عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سمع عُمرَ بنَ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه وهو يسيرُ مع غيرِه ركوبًا على الدَّوابِّ، يَحلِفُ بِأبيه، فناداهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأخبَرَهم أنَّ اللهَ تعالَى نَهى عَنِ الحلِفِ بِالآباءِ، فمَنْ أرادَ الحلِفَ فَلْيحلِفْ بِاللهِ، وإلَّا فَلْيصمُتْ ولا يَحلِفْ بِغيرِه
وقدْ نَهَى الشَّرعُ عن الحَلِفِ بغيرِ اللهِ؛ لأنَّه ذَريعةٌ إلى الشِّركِ الأصغَرِ، ووَسِيلةٌ للوُقوعِ فيهِ، والشِّركُ الأصغرُ لا يُخرجُ مَن وقَعَ فيهِ مِن مِلَّةِ الإسلامِ، ولكنَّه مِن أكبرِ الكبائرِ بعْدَ الشِّركِ الأكبرِ؛ ولذا قالَ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه -كما في مُصَنَّفِ ابنِ أبي شَيبةَ-: «لأنْ أحلِفَ باللهِ كاذِبًا أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ أحلِفَ بغَيرِه وأنا صادِقٌ»