باب الحث على الكسب 2
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن منصور قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن عمارة بن عمير، عن عمة له، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم»
حقُّ الأَبوينِ على أَولادِهما مِن أعظمِ الحُقوقِ بعدَ حقِّ اللهِ تعالى، ومِن هذه الحُقوقِ: حقُّ الوالدَينِ في مالِ أولادِهما، وكَفالةُ الولدِ لأَبويهِ وخاصَّةً إذا كان الأبوانِ في فَقرٍ وحاجةٍ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عُمارةُ بنُ عُمَيرٍ، عن عَمَّتِه، وفي رِوايةٍ عن أُمِّه: "أنَّها سألتْ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها؛ في حِجرِي يَتيمٌ"، أي: إنَّ لها ابنًا يتيمًا تَرعاهُ وتَتولَّى شُؤونَه، وله مالٌ؛ قالتْ: "أفآكُلُ مِن مالِه؟ " أي: هل يَحِقُّ لي أنْ آكُلَ منه؟ فقالتْ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ مِن أَطْيَبِ ما أَكَلَ الرَّجُلُ من كَسْبِه"، أي: إنَّ أطيبَ الرِّزقِ الحلالِ وأفْضَلَه وأبْعَدَه عن الشُّبهاتِ ومَظانِّها: هو أنْ يَأكُلَ الإنسانُ ممَّا تَحصَّلَ عليه بنَفْسِه وسَعْيِه في طلَبِه. ... وقولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: (ووَلَدُه من كَسْبِه)، أي: إنَّ الولدَ بعضٌ من أبيه، وجعَلَه كَسْبًا؛ لأنَّ الوالِدَ طلَبَه وسَعى في تَحصيلِه؛ فللأَبوينِ أنْ يَأكُلَا مِن مالِ وَلدِهما بالمعروفِ إنْ كان صغيرًا، بل على الولدِ أنْ يَسعَى في كَفالتِهما دون أنْ يَطلُبَا منه ذلك إذا كانُ كبيرًا قادرًا. ... وفي رِوايةٍ: "ولدُ الرَّجُلِ مِن كَسْبِه، مِن أَطْيبِ كَسْبِه؛ فكُلُوا مِن أموالِهم، وفي زِيادةٍ: إذا احْتجْتُم"، وهذه الروايةُ صَريحةٌ في أن الولد من أطيب كسب الرَّجُل، وصريحةٌ في أَكْلِ الوالدِينَ مِن أَموالِ أولادِهم بإطلاقٍ. وفي حديثٍ آخَرَ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أيضًا أنَّه قالَ لأحدِ أصحابِه: أنتَ ومالُك لأبيك
وفي الحديث: الحثُّ على الكَسْبِ، وأنَّ أفْضَلَ ما يَأكُلُ الإنسانُ ما كَسَبَه بيَدِه