التشديد في المرور بين يدي المصلي وبين سترته 1
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، أن زيد بن خالد أرسله إلى أبي جهيم يسأله: ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: في المار بين يدي المصلي، فقال أبو جهيم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه»
الصَّلاةُ صِلةٌ بيْنَ العَبدِ ورَبِّه؛ يَقِفُ فيها المُصَلِّي مُناجيًا رَبَّه وهو مُتوَجِّهٌ إليه، وقدْ أمَرَ الشَّرعُ بالخُشوعِ فيها وعَدَمِ الانشِغالِ، ووَضَعَ ضَوابِطَ ذلك لِلمُصَلِّي، ولِمَن هو خارِجَ الصَّلاةِ؛ حتى لا تَنقَطِعَ الصَّلاةُ، أو يَنقَطِعَ الخُشوعُ بفِعلِ أيٍّ منهما
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التابِعيُّ بُسْرُ بنُ سَعيدٍ أنَّ زَيدَ بنَ خالِدٍ الجُهَنيَّ رَضيَ اللهُ عنه أرسَلَه إلى أبي جُهَيْمٍ رَضيَ اللهُ عنه يَسْأَلُه عن حَديثِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في المارِّ بيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي، فأخبَرَ أبو جُهَيْمٍ أنَّه سَمِعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحَذِّرُ مِن خُطورةِ المُرورِ أمامَ المُصَلِّي، وأنَّه لو يَعلَمُ مَن يَجرُؤُ على المُرورِ عَمدًا أمامَ المُصَلِّي ما يَترَتَّبُ على ذلك مِنَ العُقوبةِ الشَّديدةِ؛ لاختار أنْ يَقِفَ أربَعينَ؛ فهو خَيرٌ له مِن أنْ يَمُرَّ بيْنَ يَدَيْه.قال أبو النَّضرِ سالِمُ بنُ أبى أُمَيَّةَ الرَّاوي عن بُسْرٍ: لا أدْري أقال: أربَعينَ يَومًا، أو شَهرًا، أو سَنةً. وفي روايةِ ابنِ ماجَهْ: «فلا أدْري أربَعينَ سَنةً، أو شَهرًا، أو صَباحًا، أو ساعةً»، وفي رِوايةِ البَزَّارِ: «أربَعينَ خَريفًا»، وكُلُّ هذا يَقتَضي كَثرةَ ما فيه مِنَ الإثْمِ إنْ مَرَّ بيْن يَدَيِ المُصَلِّي، وأنَّ الأوْلى والأفضَلَ أنْ يَنتَظِرَه إلى أنْ يُنهيَ الصَّلاةَ، ثم يَمُرَّ أو يَبحَثَ له عن مَمَرٍّ آخَرَ
وفي الحَديثِ: نَهيٌ أكيدٌ، ووَعيدٌ شَديدٌ في المُرورِ بيْن يَدَيِ المُصَلِّي، وأنَّه كَبيرةٌ؛ لِهذا الوَعيدِ الذي يَترَتَّبُ عليه وفيه: الأمْرُ باتِّخاذِ سُترَةٍ وحائِلٍ أمامَ المُصَلِّي؛ لِيَمنَعَ المُرورَ مِن أمامِه