الرخصة في التخلف عن الجمعة لمن شهد العيد 1
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة، عن إياس بن أبي رملة، قال: سمعت معاوية، سأل زيد بن أرقم أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين؟ قال: نعم، «صلى العيد من أول النهار، ثم رخص في الجمعة»
يومُ الجُمُعةِ عيدٌ أسبوعيٌّ للمسلِمين، وعيدُ الفِطْرِ وعيدُ الأَضْحى عيدان سنويان؛ فكلُّ هذه أعيادٌ يَجتمِع فيها المسلِمونَ على الصَّلاةِ واستِماعِ الخَطيبِ والذِّكرِ
وفي هذا الحَديثِ تَوضيحٌ للحُكمِ الشرعيِّ إذا اجتَمَع عيدان في يومٍ واحدٍ، حيثُ يَقولُ إياسُ بنُ أبي رَمْلةَ الشَّاميُّ: "شَهِدتُ مُعاويةَ بنَ أبي سُفيانَ وهو يَسأَلُ زيدَ بنَ أرقَمَ"، ولعلَّ مُعاويةَ رَضِي اللهُ عنه لَم يَبلُغْه مِن هذا الأمرِ شيءٌ؛ لأنَّه كان مِمَّن تأخَّرَ إسلامُه، فقَد أسلَمَ بعدَ الفتحِ، وهذا مِن تواضُعِ الصَّحابةِ وسؤالِ بَعضِهم بعضًا دونَ تَكبُّرٍ، قال معاويةُ: "أشَهِدتَ معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم عيدَينِ اجتَمَعا في يومٍ؟"، والمرادُ اجتِماعُ عيدِ الفطرِ أو الأضحى معَ يومِ الجمعةِ، فيَجتَمِعُ صلاتانِ: صلاةُ العيدِ وصلاةُ الجمعةِ، قال زيدٌ: "نعَم"، فقال معاويةُ: "فكَيف صنَع؟"، أي: فما كانت سُنَّةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم فيهِما؟ قال زيدٌ رَضِي اللهُ عنه: "صلَّى العيدَ"، أي: أدَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم صلاةَ العيدِ، "ثمَّ رخَّص في الجمعةِ"، أي: جعَلَها على الاختيارِ ولِمَن أرادَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "مَن شاء أن يُصلِّيَ فليُصَلِّ"، أي: الجمُعةَ، ومَن شاءَ ألَّا يُصلِّيَ الجُمُعةَ فلا بأسَ؛ قيل: لكن عليه أنْ يُصلِّيَها ظُهرًا، وقِيل غيرُ ذلك
وفي الحديثِ: التَّخييرُ في أداءِ صَلاةِ الجُمُعةِ إذا اجتَمَع معَها صلاةُ العيدِ
وفيه: سؤالُ العالِمِ لِمَن هو أعلمُ منه في بعضِ المسائِلِ، وبيانُ أنَّه لا تَكبُّرَ في طلَبِ العِلمِ