الرخصة في التخلف عن الجمعة لمن شهد العيد 2
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثني وهب بن كيسان، قال: «اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير فأخر الخروج حتى تعالى النهار، ثم خرج فخطب فأطال الخطبة، ثم نزل فصلى ولم يصل للناس يومئذ الجمعة»، فذكر ذلك لابن عباس فقال: أصاب السنة
مِن رحمةِ اللهِ تعالى وفَضلِه اجتِماعُ عيدَين للمُسلِمين في يومٍ واحدٍ؛ حيثُ يأتي عيدُ الفِطْرِ أو الأضحى مُوافِقًا ليومِ الجُمُعةِ، وهو العِيدُ الأسبوعيُّ للمُسلِمين؛ ولهذا الاجتماعِ أحكامٌ خاصَّةٌ يتَجلَّى فيها تيسيرُ الإسلامِ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ وهبُ بنُ كَيسانَ: "اجتمَع عيدانِ على عهدِ ابنِ الزُّبيرِ"، أي: تَوافقَ أنْ جاء يومُ العيدِ مع يومِ الجمعةِ في خِلافةِ ابنِ الزُّبيرِ، "فأخَّر الخروجَ حتَّى تعالى النَّهارُ"، أي: خرَج متأخِّرًا لصلاةِ العِيدِ حتَّى ارتفَع النَّهارُ، "ثمَّ خرَج فخطَب فأطال الخُطبةَ"، أي: خرَج فابتدَأ بالخُطبةِ أوَّلًا فأطال فيها، "ثمَّ نزَل فصلَّى"، أي: نزَل مِن على المنبَرِ فصلَّى صلاةَ العيدِ، "ولم يُصلِّ للنَّاسِ يومَئذٍ الجُمُعةَ"، أي: بعدَما صلَّى العيدَ، لم يُصلِّ في هذا اليومِ الجُمُعةَ، "فذُكِر ذلك لابنِ عبَّاسٍ"، أي: حُكي لابنِ عبَّاسٍ ما فعَله ابنُ الزُّبَيرِ مِن صلاتِه العيدَ، وعدَمِ صَلاتِه الجمعةَ بالنَّاسِ، فقال ابنُ عبَّاسٍ: "أصاب السُّنَّةَ"، أي: إنَّ ما فعَله ابنُ الزُّبيرِ هو ما ثبَت عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فِعْلُه؛ فقد شَهِد ابنُ عبَّاسٍ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وقَدِ اجتمَع عِيدانِ في عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّ النَّبيَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ رخَّص في التَّخلُّفِ عن الجُمُعةِ يَومَ العِيدِ لِمَن حضَر العِيدَ، فقيل: هذا خاصٌّ بأهلِ العَوالي البَعِيدينِ عن مَسجِدِ المدينةِ، ويَتبَعُهم في ذلك مَن يُشبِهُهم، وقيل: عامٌّ. أمَّا مَن ترَك صلاةَ الجُمُعةِ، وقد صلَّى العِيدَ، فعليه صلاةُ الظُّهرِ، وقيل: ليس عليه الظُّهرُ، لِسُقوطِها عنه بدليلٍ، وعدمِ إلزامِه بدليلٍ آخَرَ أن يُصلِّيَ الظُّهرَ، ولكنْ في الحالتَينِ عَلى الإمامِ أن يُقيمَ الجُمُعةَ؛ لِيَشهَدَها مَن شاء شُهودَها
وفي الحديثِ: مُتابعةُ الصَّحابةِ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم
وفيه: بيانُ فَضلِ ابنِ عبَّاسٍ رَضي اللهُ عَنْهما، ورُجوعِ النَّاس إليه في العِلمِ