الرمل بينهما

سنن النسائي

الرمل بينهما

أخبرنا أبو عمار الحسين بن حريث، قال: أنبأنا سفيان، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: «إنما سعى النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة، ليري المشركين قوته»

عَقَدَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في السَّنةِ السَّادِسةِ مِنَ الهِجرةِ صُلحَ الحُدَيبيةِ مع قُرَيشٍ، ومِن ضِمنِ بُنودِه أنْ يَرجِعَ مِن عُمرتِه في هذه السَّنةِ، ثم يَرجِعَ فيَعتمِرَ في العامِ المُقبِلِ، على أنْ تُخليَ له قُرَيشٌ البَيتَ الحَرامَ ثَلاثةَ أيَّامٍ
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه لَمَّا جاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى مَكَّةَ في السَّنةِ السَّابِعةِ مِنَ الهِجرةِ لِيَعتمِرَ عُمرةَ القَضِيَّةِ، سَعى وأسرَعَ في طَوافِه بالبَيتِ وبَينَ الصَّفا والمَروةِ؛ ليُرِيَ المُشركينَ قُوَّتَه، وأنَّه لا يَضعُفُ عن مُحارَبتِهم
ويَقصِدُ بالسَّعيِ الرَّمَلَ والإسراعَ في الطَّوافِ بالبَيتِ، وبَينَ الصَّفا والمَروةِ؛ فقد أمَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه رَضيَ اللهُ عنهم أنْ يَرمُلوا، فيُسرِعوا خُطواتِهم في الأشواطِ الثَّلاثةِ الأُولى مِنَ الطَّوافِ، ما عدا ما بَينَ الرُّكنَينِ فيَمشُوا على راحتِهم، وبهُدوءٍ، حتى يَستَريحوا، فرَمَلوا في الثَّلاثةِ الأُولى، ومَشَوْا في الأربعةِ الأخيرةِ، وكانوا يُسرِعون كذلك بَينَ الصَّفا والمَروةِ في بَطنِ الوادي، وكان المُشركونَ يَقِفونَ عن بُعدٍ ليَرَوُا المُسلِمينَ
وفي الحَديثِ: إظهارُ القُوَّةِ بالعُدَّة والسِّلاحِ ونَحوِ ذلك لِلكُفَّارِ؛ إرهابًا لهم، ولا يُعَدُّ ذلك مِنَ الرِّياءِ المَذمومِ
وفيه: أنَّ المَعاريضَ تكونُ بالفِعلِ، كما تكونُ بالقَولِ، ورُبَّما كانت بالفِعلِ أوْلى