حث الإمام على رص الصفوف والمقاربة بينها 3
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الفضيل بن عياض، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن تميم بن طرفة، عن جابر بن سمرة قال: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم؟» قالوا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: «يتمون الصف الأول، ثم يتراصون في الصف»
علَّمَنا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كيفيَّةَ الصَّلاةِ في الجماعةِ، وكيف نصُفُّ الصُّفوفَ ونُسَوِّيها، في خُشوعٍ وخُضوعٍ بين يديِ اللهِ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّ نَبيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "راصُّوا صُفوفَكم"، أي: صِلُوها بتواصُلِ المَناكبِ كأنَّها بُنيانٌ مَرصوصٌ، بانضمامِ بَعضِكم إلى بعضٍ على السَّواءِ، "وقارِبوا بينها"، أي: قارِبوا بين الصُّفوفِ بحيثُ لا يسَعُ ما بينَ كلِّ صَفِّينِ صَفًّا آخرَ؛ حتَّى لا يقدِرَ الشَّيطانُ أنْ يمُرَّ بينَ أيدِيكم، "وحاذُوا بالأعناقِ" بأنْ يكونَ عُنقُ كلٍّ منكم مُوازيًا لعُنقِ أخيه الَّذي بجوارِه، فتستوِيَ الأجسامُ في الصُّفوفِ، "فوالَّذي نفْسُ محمَّدٍ بيدِه"، وهذا قسَمٌ باللهِ عَزَّ وجَلَّ؛ وذلك لأنَّ اللهَ هو الَّذي يملِكُ الأنفُسَ، وكثيرًا ما كان يُقسِمُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهذا القسَمِ، "إنِّي لأرى الشَّياطينَ تدخُلُ من خلَلِ الصَّفِّ كأنَّها الحذَفُ"، والحذَفُ: غنَمٌ سُودٌ صِغارٌ، فكأنَّ الشَّيطانَ يَتصغَّرُ؛ حتَّى يدخُلَ في تَضاعيفِ الصَّفِّ وفي الفتحاتِ بين النَّاسِ
وفي الحديثِ: اهتمامُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأمْرِ صَلاةِ الجماعةِ وأمْرُه بتَسويةِ الصُّفوفِ