العين العوراء السادة لمكانها إذا طمست

سنن النسائي

العين العوراء السادة لمكانها إذا طمست

 أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن محمد، قال: أنبأنا ابن عائذ، قال: حدثنا الهيثم بن حميد، قال: أخبرني العلاء وهو ابن الحارث عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في العين العوراء السادة لمكانها إذا طمست بثلث ديتها، وفي اليد الشلاء إذا قطعت بثلث ديتها، وفي السن السوداء إذا نزعت بثلث ديتها»

الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ طبَّقَتْ نِظامَ العُقوباتِ في حياةِ النَّاسِ؛ حتَّى يأمَنوا على أنفُسِهم وأعراضِهم وأموالِهم، وهذه العُقوباتُ مُتنوِّعةٌ؛ مِن حُدودٍ، إلى قِصاصٍ، وأَخْذِ الدِّيَاتِ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عمرُو بنُ العاصِ رَضِي اللهُ عَنه: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قضَى"، أي: في الدِّيَاتِ، "في العينِ العَوْراءِ"، أي: الَّتي ذهَبَ نُورُها، فلا تُبصِرُ، "السَّادَّةِ لمكانِها"، أي: وكانَتْ باقيةً في مكانِها، فبقاؤُها ما يزالُ محسِّنًا للوجهِ، "إذا طُمِسَتْ"، أي: انمَحَتْ، وفُقِئَتْ، "بثُلُثِ دِيَتِها"، والدِّيَةُ هي: مالٌ يُؤدَّى إلى المَجْنيِّ عليه بسَببِ الجنايةِ مِن قِبَلِ الجاني، والمرادُ بثُلُثِها: ثُلُثُ دِيَةِ العُضوِ الصَّحيحِ؛ لأنَّها كانَتْ بعد ذَهابِ نُورِها في مكانِها، وقيل: بل فيها حُكومةُ عَدْلٍ، وهو مقدارُ ما يحكُمُ به عَدْلٌ، وهي: المالُ الَّذي يَكونُ في جِنايةٍ ليس فيها مالٌ مُقدَّرٌ، وتُقدَّرُ حُكومةُ العَدْلِ: أن يُقوَّمَ الَّذي اعتُدِي عليه عبدًا مِن غيرِ جنايةٍ عليه، ثمَّ يُقوَّمَ عَبدًا مع هذه الجنايةِ، فقَدْرُ التَّفاوُتِ بينَ القيمتَينِ مِن الدِّيَةِ هو ذلك القدْرُ، وقيل: إنَّ الحُكومةَ هي ما يَحتاجُه المجنيُّ عليه مِن النَّفقةِ، وأُجرَةِ الطَّبيبِ والأدويةِ إلى أن يَبْرَأَ، وهذه الطَّريقةُ قد تَكونُ أنسَبَ الطُّرُقِ لِتَقويمِ الحكومةِ في العصرِ الحاضرِ
ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "وفي اليدِ الشَّلَّاءِ"، أي: وقضَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في دِيَةِ اليَدِ الَّتي لا يكونُ فيها حركةٌ، ولا تستطيعُ البَطْشَ، "إذا انقطَعَتْ"، أي: كانَتِ الجنايةُ عليها بالقَطْعِ، "بثُلُثِ دِيَتِها"، أي: بثُلُثِ دِيَةِ اليدِ الصَّحيحةِ، فتكونُ دِيَتُها، أي: اليَدِ الشَّلَّاءِ سُدُسَ الدِّيَةِ، وهي سِتَّةَ عشَرَ مِن الإِبلِ وثُلُثانِ، "وفي السِّنِّ السَّوداءِ"، أي: التَّالفةِ المُتآكِلةِ، "إذا نُزِعَتْ"، أي: كانَتِ الجنايةُ على أن نُزِعَتْ مِن مكانِها، "بثُلُثِ دِيَتِها"، أي: يكونُ فيها ثُلُثُ دِيَةِ السِّنِّ الصَّحيحةِ