القراءة في الركعتين الأوليين من صلاة العصر 1
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن حجاج الصواف، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، وعن أبي سلمة، عن أبي قتادة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين، ويسمعنا الآية أحيانا، وكان يطيل الركعة الأولى في الظهر، ويقصر في الثانية وكذلك في الصبح»
الصَّلاةُ عِمادُ الدِّينِ، وقد بَيَّن النبيُّ الكريمُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كيفيَّتَها قولًا وعمَلًا، وقد حرَص الصَّحابةُ على تتبُّعِ هَديِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الصَّلاةِ، ونقْلِ ذلك لِمَن بعْدَهم
وفي هذا الحديثِ تَوضيحٌ لبعضٍ مِن صِفةِ صَلاتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهي قِراءاتُه في الصَّلواتِ، حيثُ يَروي أبو قَتادةَ الأنصاريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَقرأُ في الرَّكعتَينِ الأُولَيَيْنِ مِن صلاةِ الظُّهرِ في كلِّ ركعةٍ منهما بفاتحةِ الكتابِ، وسورةٍ معها، وكان يُطوِّلُ في الرَّكعةِ الأُولى بالقِراءةِ أكثَرَ، ويُقصِّرُ في الثَّانيةِ بالقِراءةِ أقَلَّ مِن قِراءةِ الرَّكعةِ الأُولى، وفي بعضِ الأحيان كان مَن خَلْفَه يَسمَعُ قِراءتَه فيها، فكانوا يَعرِفون قِراءتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ برغمِ كَونِها سرِّيَّةً؛ لأنَّه كان يُسمِعُهمُ الآيةَ أحيانًا، فتُعرَفُ بذلك قِراءتُه، وأحيانًا كانوا رَضيَ اللهُ عنهم يَعرِفون قراءتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باضْطِرابِ لِحْيتِه وحرَكتِها، كما في روايةِ البُخاريِّ مِن حديثِ خَبَّابِ بنِ الأَرَتِّ رَضيَ اللهُ عنه. وكذا في صلاتَيِ العصرِ والصُّبحِ؛ يَقرأُ في الرَّكعتَينِ الأُولَيَيْنِ في كلِّ ركعةٍ منهما بفاتحةِ الكِتابِ، وسورةٍ معها، وكذا كان يُطوِّلُ في الرَّكعةِ الأُولى منهما، ويُقصِّرُ في الثَّانيةِ؛ لأنَّ النَّشاطَ في الأُولى يكونُ أكثَرَ، فناسَبَ التَّخفيفُ في الثَّانيةِ؛ حذَرًا مِن الملَلِ.وأمَّا مِقدارُ ما كان يَقرأُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في كلِّ صلاةٍ: فقدْ كان يَقرَأُ في الصُّبحِ والظُّهرِ بطُوالِ المُفَصَّلِ، ويُطيلُ في الصُّبحِ أكثرَ مِن إطالَتِه في الظُّهرِ، وفي العِشاءِ والعَصرِ بأوساطِه، وفي المغرِبِ بقِصارِه. والمُفَصَّلُ مِن القُرآنِ هو مَجموعةٌ مِن السُّوَرِ، تَنتهي بسُورةِ النَّاسِ، واختُلِف في بِدايتِه؛ فقيل: إنَّه يَبدَأُ مِن سورةِ الحُجراتِ إلى آخِرِ القُرآنِ، وقيل: يَبدأُ مِن الجاثيةِ، أو مِن مُحمَّدٍ، أو مِن (ق)، أو مِن الفتحِ، أو مِن الصَّافَّاتِ، أو مِن الصَّفِّ، وقيل غيرُ ذلك. وسُمِّيَ مُفَصَّلًا؛ لِكَثرةِ الفَصْلِ بينَ سُوَرِه بالبَسملةِ، وقيل: لقِصَرِ أعدادِ سُوَرِه مِن الآياتِ، أو لِقِلَّةِ المنسوخِ فيه، وقيل غيرُ ذلك
وفي الحديثِ دَلالةٌ على أنَّ الرَّكعةَ الأُولى في كلِّ الصَّلَواتِ تكونُ أطْوَلَ مِن الثَّانيةِ