المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن 3
سنن النسائي
أخبرنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سفيان، ح وأخبرني عبد الله بن محمد بن إسحاق قال: حدثنا قاسم بن يزيد قال: حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن أم مكتوم، أنه قال: يا رسول الله، إن المدينة كثيرة الهوام والسباع. قال: «هل تسمع حي على الصلاة حي على الفلاح؟» قال: نعم. قال: «فحي هلا». ولم يرخص له
الصَّلاةُ أعظمُ رُكنٍ مِن أركانِ الإسلامِ بعد الشهادتَينِ، ولها أهميَّةٌ كَبيرةٌ في الشَّرعِ، وقد بيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَضْلَها وثَوابَ المُحافَظةِ عليها، كما بَيَّنَ خَطَرَ التَّهاوُنِ في شَأنِها
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ أُمِّ مَكتومٍ رَضيَ اللهُ عنه –وكان رجُلًا ضريرًا أعْمَى- أنَّه قال: "يا رَسولَ اللهِ، إنَّ المَدينةَ كَثيرةُ الهَوامِّ"، وهي الحَشَراتُ التي لا يَقتُلُ سُمُّها "والسِّباعِ"، وهي الحَيَواناتُ الضَّارَّةُ المُؤذيةُ؛ فتُؤذي مَن لا يَنتَبِهُ إليها، مِثلَ الصَّغيرِ والضَّريرِ، وقد قالَ ذلك طَلَبًا لِلرُّخصةِ لِلصَّلاةِ في بَيتِه؛ لِأنَّه يَصعُبُ عليه الوُصولُ بأمانٍ إلى المَسجِدِ؛ لِأنَّه ضَريرٌ ولا يَجِدُ قائِدًا يَقودُه إلى المَسجِدِ، "قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هل تَسمَعُ حَيَّ على الصَّلاةِ حَيَّ على الفَلاحِ؟" وهو ما يَكونُ في النِّداءِ لِلصَّلاةِ بالأذانِ، ومعناهما: أقْبِلْ على الصَّلاةِ والفَلاحِ، قالَ: نَعَمْ أسمَعُ نِداءَ الصَّلاةِ والأذانَ، "قالَ: فحَيَّ هَلَا"؛ فأنتَ مَأمورٌ إذا سمعتَ النِّداءَ أنْ تَأتيَ إلى المَسجِدِ وحُضورِ الجَماعةِ، "ولم يُرَخِّصْ له"، والمعنى: لا رُخصةَ لك في تَركِ الصَّلاةِ جَماعةً في المَسجِدِ، ومِن بابِ أوْلَى الصَّحيحُ السَّليمُ يَجِبُ عليه ذلك، وهذا مِن بابِ التَّشديدِ على أهميَّةِ صَلاةِ الجَماعةِ. وقد وَرَدَ عِندَ ابنِ ماجَهْ: "مَن سَمِعَ النِّداءَ فلم يأتِهِ فلا صَلاةَ لَه، إلَّا مِن عُذرٍ"، والعُذرُ الشَّرعيُّ هو المانِعُ عنِ الذَّهابِ للصَّلاةِ؛ مِثلَ المَرَضِ، وعِندَ أبي داودَ: "قالوا: وما العُذرُ؟ قال: خَوفٌ أو مَرَضٌ"؛ فبَيَّنَ العُذرَ المَقصودَ، والخوفُ أنواعٌ: خوفٌ على النَّفْسِ، وخوفٌ على المالِ، وخوفٌ على الأهلِ، فأيُّ أمرٍ يُهدِّدُ النفسَ أو المالَ أو الأهلَ؛ فهو عذرٌ للتأخُّرِ عن الجماعةِ
وفي الحَديثِ: الحَثُّ على المُحافَظةِ على أداءِ صَلاةِ الجَماعةِ في المَساجِدِ
وفيه: أنَّه لا عُذرَ ولا رُخصةَ لِتَركِ صَلاةِ الجَماعةِ، وخُصوصًا لِمَن يَسمَعُ نِداءَ الصَّلاةِ