النزول بعد الدفع من عرفة 2
سنن النسائي
أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن أسامة بن زيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل الشعب الذي ينزله الأمراء فبال، ثم توضأ وضوءا خفيفا، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة؟ قال: «الصلاة أمامك» فلما أتينا المزدلفة لم يحل آخر الناس حتى صلى
الحَجُّ عِبادةٌ تَوقيفيَّةٌ عَلَّمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه إيَّاها بالفِعلِ وبالقَولِ، وقد نَقَلوا لنا صِفةَ هذه العِبادةِ كما رأوْها وأدَّوْها معه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورَضيَ اللهُ عنهم
وفي هذا الحَديثِ يَروي أُسامةُ بنُ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنهُما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا رَجَعَ مِن عَرَفةَ، وهو جَبَلٌ يَقَعُ على الطَّريقِ بَينَ مَكَّةَ والطَّائِفِ، يَبعُدُ عن مَكَّةَ حَوالَيِ (22 كم)، وعلى بُعدِ (10 كم) مِن مِنًى، و(6 كم) مِن مُزدَلِفةَ. فبعدَ أنْ أفاضَ منه، تَوجَّهَ إلى الشِّعْبِ، وهو الطَّريقُ بَينَ الجَبلَيْنِ، والمُرادُ به هنا: مَوضِعٌ بَينَ عَرَفةَ والمُزدَلِفةِ، فقَضى حاجَتَه واستَنجى ثم تَوضَّأ
فسألَه أُسامةُ رَضيَ اللهُ عنه: يا رَسولَ اللهِ، أتُصَلِّي؟ فأجابَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الصَّلاةُ أمامَكَ، فهي مَشروعةٌ فيما بَينَ يَدَيْكَ في المُزدَلِفةِ. فكأنَّه تَوضَّأ وتَجهَّزَ لِلصَّلاةِ قَبلَ الوُصولِ إلى المُزدَلِفةِ، وهي المَكانُ الذي يَنزِلُ فيه الحَجيجُ بَعدَ الإفاضةِ مِن عَرَفاتٍ، ويَبِيتونَ فيه لَيلةَ العاشِرِ مِن ذي الحِجَّةِ، وفيه المَشعَرُ الحَرامُ، وهو بجِوارِ مِنًى، وتَبعُدُ عن عَرَفةَ حَوالَيِ (12 كم)
وفي رِوايةِ الصَّحيحَيْنِ: «فرَكِبَ، فلَمَّا جاء المُزدَلِفةَ نَزَلَ فتَوضَّأ، فأسبَغَ الوُضوءَ، ثم أُقيمَتِ الصَّلاةُ، فصَلَّى المَغرِبَ، ثم أناخَ كُلُّ إنسانٍ بَعيرَه في مَنزِلِه، ثم أُقيمَتِ العِشاءُ، فصَلَّى، ولم يُصَلِّ بَينَهما»