النهي أن يعود في الصدقة 1
بطاقات دعوية
عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال حملت على فرس عتيق في سبيل الله (8) فأضاعه صاحبه (9) فظننت أنه بائعه برخص فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال لا تبتعه (10) ولا تعد في صدقتك فإن العائد في صدقته كالكلب يقيء (11) ثم يعود في قيئه. (م 5/ 63
الصَّدقةُ ابتغاءَ وَجْهِ اللهِ عزَّ وجلَّ مِن أفضَلِ أعمالِ البِرِّ وأعْلاها أجْرًا، ومِن ثَمَّ لَزِمَ المُتصدِّقَ أنْ يَحتسِبَ عندَ اللهِ صَدَقتَه، ويَرْجو بها ما عِندَ اللهِ مِن خَيرٍ وبَرَكةٍ، ويَلزَمُ مِن ذلك ألَّا يَتطلَّعَ إليها أو يَطلُبَ إعادتَها لمُلْكِه ثانيةً.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه تَصدَّقَ بفَرَسٍ ووَهَبَه لرجُلٍ ليُجاهِدَ به في سَبيلِ اللهِ، فَأَضاعَه الرَّجُلُ الَّذي كانَ عِندَه؛ بِتَرْكِ القِيامِ عليه بالخِدْمةِ والعَلفِ، والسَّقْيِ وإرْسالِه لِلرَّعْي، حَتَّى صارَ كالشَّيْءِ الهالِكِ، فأَرادَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يَشْتَريَه، واعْتَقَدَ أنَّ الرَّجُلَ سَيَبيعُه بِرُخْصٍ، فسَأَلَ النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلَّم عن ذلك، فَأَجابَه بأَلَّا يَشْتَريَه، ولا يَعُودَ في صَدَقتِه بِطَريقِ الِابْتياعِ ولا غَيرِه، حتى وإنِ اشتراهُ بدِرْهَمٍ واحدٍ فقطْ، أي: لا تَرْغَبْ فيهِ ألبَتَّةَ، ولا تَنْظُرْ إلى رُخْصِه، ولكِنِ انْظُرْ إلى أنَّه صَدَقَتُك؛ فَإنَّ العائِدَ في صَدَقتِه كالعائِدِ في قَيْئِه، يعني: كَما يَقبُحُ أنْ يَقيءَ الشَّخصُ ثمَّ يَأْكُلَ قَيْئَه مرَّةً أُخرى، فكذلك يَقبُحُ أنْ يَتَصَدَّقَ بشَيءٍ ثمَّ يَرجِعَه إلى نَفْسِه بوَجْهٍ مِن الوُجوهِ. وفي الصَّحيحَينِ قال: «كالكلْبِ يَعودُ في قَيئِه»، فشُبِّهَ بأخَسِّ الحَيوانِ في أخَسِّ أحوالِه؛ تَصويرًا للتَّهجينِ وتَنفيرًا منه.
وفي الحَديثِ: النَّهْيُ عن الرُّجوعِ في الصَّدَقةِ أو الهِبةِ.
وَفيه: أنَّه إذا تَصَدَّقَ الإنْسانُ بِصَدقةٍ على فَقيرٍ فاحْتاجَ الفَقيرُ إلى أنْ يَبيعَها؛ فَلا يَنْبَغي للمُتَصَدِّقِ أنْ يَشْتَريَها.