النياحة على الميت 2
سنن النسائي
أخبرنا إسحق، قال: أنبأنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن ثابت، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ على النساء حين بايعهن أن لا ينحن، فقلن: يا رسول الله، إن نساء أسعدننا في الجاهلية أفنسعدهن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا إسعاد في الإسلام»
لقدْ هَذَّب الإسلامُ أفعالَ النَّاسِ، وأمَرَهم بكلِّ خيرٍ، ونَهاهم عن كلِّ شرٍّ، ومن ذلك: النَّهيُ عمَّا كان عليه النَّاسُ في الجاهليَّةِ من عاداتٍ وأمورٍ شَنيعةٍ كالنِّياحةِ على الأمواتِ، وقد التزمَ الصحابةُ الكرامُ بهذا وكانوا يُوصُونَ به قبلَ مَوتهم
كما في هذا الحديثِ الذي فيه: أنَّ الصَّحابيَّ الجليلَ قيسَ بنَ عاصمٍ قال لأبنائِه عندَ مَوتِه: "لا تَنوحوا علَيَّ"، والنِّياحةُ على الأمواتِ تَكونُ بتَعديدِ المآثِرِ وذِكْرِ المناقبِ الَّتي ليستْ في الميِّتِ، مع الصُّراخِ والتَّعديدِ ولَطْمِ الخدودِ وغيرِ ذلك مِن الأمورِ الشَّنيعةِ، الَّتي فيها إهانةٌ للحيِّ والميِّتِ، وعدَمُ رِضًا عن قَضاءِ اللهِ تعالَى وقَدَرِه؛ "فإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، لم يُنَحْ عليه"، أي: لم يَبْكِ عليه أحَدٌ بَكاءَ نِياحةٍ؛ لأنَّ النَّبيَّ الكريمَ صلَّى الله عليه وسلَّم قد نَهى عن النِّياحةِ أصلًا. وأمَّا الحُزنُ وبكاءُ الرَّحمةِ دون تَعديدٍ ولا صُراخٍ فلا شيءَ فيه