الوصل في الشعر 2

سنن النسائي

الوصل في الشعر 2

أخبرنا محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب، قال: قدم معاوية المدينة فخطبنا وأخذ كبة من شعر، قال: ما كنت أرى أحدا يفعله إلا اليهود، «وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه فسماه الزور»

يُنصَّبُ خَليفةُ المسلمينَ لحِفظِ دِينِ المسلمينَ ودُنياهم؛ فمِن واجباتِه الأمرُ بِالمعروفِ والنَّهيُ عَنِ المنكَرِ، وحمْلُ النَّاسِ على ما فيه صَلاحُ دُنياهم وآخِرتِهم
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ حُميَدُ بنُ عبْدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ أنَّ خَليفةَ المسلمينَ مُعاوِيةَ بنَ أبي سُفيانَ رَضيَ اللهُ عنه آنذاك، قام بواجِبِه في الأمرِ بالمعروفِ وإنكارِ المنكَرِ؛ فقدْ صَعِدَ على المِنبرِ في مَسجدِ المدينةِ في أحدِ الأعوامِ التي حَجَّ فيها -وكانت أوَّلُ حَجَّةٍ حَجَّها مُعاويةُ بعْدَ أنِ استُخْلِفَ في أربعٍ وأربعينَ، وآخِرُ حَجَّةٍ حجَّها سَنةَ سبْعٍ وخَمسينَ مِن الهِجرةِ- وأمسَكَ قُصَّةً مِن شَعرٍ، وهي قِطعةُ الشَّعرِ مِنَ النَّاصيةِ أو مُقدَّمِ الرَّأسِ، كانت النِّساءُ يَصِلْنَ شُعورَهن بمِثلِها، وكانت في يَدِ أحَدِ حَرَسِه، فقال: يا أهلَ المدينةِ، أينَ عُلماؤُكم؟! سَمِعتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ينَهى عَن مِثلِ هذا، ويَقولُ: إنَّما هَلَكَتْ بَنو إسرائيلَ حِين اتَّخذَها نِساؤُهم، فاسْتَنكَرَ مُعاويةُ رَضيَ اللهُ عنه قِيامَ بَعضِ نِساءِ المسلمينَ بِوصْلِ شَعرِهنَّ، وأنْكَرَ على العُلماءِ إهمالَهم لإنكارِ هذا المنكَرِ وتَحريضِ النَّاسِ على ترْكِه، مع أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عَن وَصْلِ الشَّعرِ، وقال: إنَّ هَلاكَ بَني إسرائيلَ وقَعَ بِسَببِ وَصْلِ نِسائِهم لِشَعرِهنَّ، وفيه إشعارٌ بأنَّ ذلك كان حَرامًا عليهم، فلمَّا فَعَلوه كان سَببًا لهَلاكِهم مع ما انضَمَّ إلى ذلك مِن ارتكابِهِم ما ارْتَكَبوه مِن المَناهي