كتاب فضائل الصحابة (باب)
بطاقات دعوية
عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"من جر ثوبه خيلاء؛ لم ينظر الله إليه يوم القيامة". فقال أبو بكر: إن أحد شقي ثوبي يسترخي؛ إلا أن أتعاهد ذلك منه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"إنك لست تصنع ذلك خيلاء". قال موسى: فقلت لسالم: أذكر عبد الله: من جر إزاره؟ قال: لم أسمعه ذكر إلا ثوبه (وفي طريق أخرى: فقلت لمحارب: أذكر إزاره؟ قال: ما خص إزارا ولا قميصا 7/ 35).
إنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالَى هو المُتكبِّرُ، ولا يَحِقُّ لأحدٍ مِن عِبادِه أنْ يُنازِعَه صِفةَ الكِبْرياءِ، وقدْ توعَّدَ سُبحانَه وتعالَى المُتكبِّرينَ والمُخْتالينَ لَمَّا اتَّصَفوا بصِفةٍ لا يَنبَغي أنْ تكونَ إلَّا له تعالَى.
وفي هذا الحَديثِ تَوعَّدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَن جَرَّ ثَوبَه خُيَلاءَ -أي: أطالَ الثِّيابَ إلى ما بعْدَ الكَعْبَينِ بقَصْدِ الكِبرِ- بعُقوبةٍ شَديدةٍ؛ وهي «لَمْ يَنظُرِ اللهُ إليه يَومَ القيامةِ»، أي: كان جَزاؤُه يومَ القيامةِ ألَّا يَنظُرَ اللهُ إليه، وكلُّ مَن حُرِمَ نظَرَ اللهِ عزَّ وجلَّ إليه؛ فإنَّ له نَصيبًا مِن الوَعيدِ، وصاحِبُه مُستَحِقٌّ للعَذابِ الأليمِ، فلمَّا سَمِع أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه هذا الحَديثَ، قال للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنَّ أحَدَ شِقَّيْ ثَوْبي يَستَرْخي، إلَّا أنْ أتَعاهَدَ ذلك منه»، يَعني: إنَّ أحَدَ طَرفَيْ ثَوبِه يَميلُ على الأرضِ، ولكنَّه يَنتَبِهُ إليه ويَرفَعُه كُلَّما اسْتَرْخى، فنَفى عنه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صِفةَ الكِبرِ، وأخْبَرَه أنَّه لا يَصنَعُ ذلك خُيَلاءَ وتَباهيًا.
وفي الحَديثِ: فَضيلةٌ لأبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، حيثُ شَهِدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ له بما يُنافي ما يُكرَهُ.
وفيه: نَهيُ الرِّجالِ عنِ الخُيَلاءِ بإسْبالِ الثِّيابِ إلى الأرْضِ.