باب كتاب فضائل الصحابة

بطاقات دعوية

باب كتاب فضائل الصحابة

عن أبي موسى الأشعري: أنه توضأ في بيته، ثم خرج، فقلت: لألزمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولأكونن معه يومي هذا. قال: فجاء المسجد، فسأل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالوا: خرج ووجه ها هنا. فخرجت على إثره أسأل عنه، حتى دخل بئر أريس (12) [في حائط من حيطان المدينة، وفي يد النبي - صلى الله عليه وسلم - عود يضرب به بين الماء والطين 7/ 123]، فجلست عند الباب، وبابها من جريد، [وأمرني بحفظ باب الحائط 4/ 202]، حتى قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجته، فتوضأ، فقمت إليه، فإذا هو جالس على بئر أريس، وتوسط قفها (*)، وكشف عن ساقيه، ودلاهما في البئر (وفي طريق: قد انكشف عن ركبتيه أو ركبته)، فسلمت عليه، ثم انصرفت، فجلست عند الباب، فقلت: لأكونن بواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليوم. فجاء أبو بكر. [يستأذن عليه ليدخل 8/ 96]، فدفع الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: أبو بكر. فقلت: على رسلك [حتى أستأذن لك، فوقف] , ثم ذهبت، فقلت: يا رسول الله! هذا أبو بكر يستأذن (عليك)]؟ فقال:
{ائذن له، وبشره بالجنة}. فأقبلت حتى قلت لأبي بكر: ادخل، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبشرك بالجنة، [فحمد الله 4/ 201]، فدخل أبو بكر، فجلس عن يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه في القف، ودلى رجليه في البئر -كما صنع النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ساقيه، [ودلاهما في البئر]، ثم رجعت فجلست، وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني، فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا -يريد: أخاه- يأت به، فإذا إنسان يتحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطاب. فقلت: على رسلك [حتى أستأذن لك]، ثم جئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسلمت عليه، فقلت: هذا عمر بن الخطاب يستأذن؟ فقال:
[ائذن له، وبشره بالجنة". فجئت، فقلت له: ادخل، وبشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة، [فحمد الله]، فدخل، فجلس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القف عن [فكشف عن ساقيه]، ودلى رجليه في البئر، [فامتلأ القف فلم يكن فيه مجلس]، ثم رجعت فجلست، فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا يأت به، فجاء إنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عثمان بن عفان. فقلت: على رسلك [حتى استأذن لك]، فجئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، ف [سكت هنية]، [وكان متكئا فجلس]، [ثم] قال:
[ائذن له، وبشره بالجنة على بلوى تصيبه". فجئته، فقلت له: ادخل، وبشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة على بلوى تصيبك، [فحمد الله، ثم قال: الله المستعان] , فدخل، فوجد القف قد ملئ، [فتحول حتى جاء]، فجلس وجاهه من الشق الآخر، [فلما دخل عثمان غطاهما].
قال شريك: قال سعيد بن المسيب: فأولتها قبورهم [اجتمعت ها هنا، وانفرد عثمان].
يساره، 

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُبشِّرُ أصْحابَه بالخَيرِ، وكان يخُصُّ بَعضَهم ببَعضِ البِشاراتِ، أو ببَعضِ النِّذاراتِ الَّتي سَتقَعُ عليه في المُستَقبَلِ؛ حتَّى يكونَ النَّاسُ على بَيِّنةٍ مِن أمْرِهم
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أبو موسى الأشْعَريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه تَوضَّأَ في بَيتِه، ثمَّ خرَج في عَزمٍ ونيَّةٍ أنْ يُلازِمَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويَكونَ معَه طَوالَ اليَومِ؛ رَغبةً في التَّعلُّمِ والأخْذِ من سُنَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فذهَبَ إلى المَسجِدِ، فسَألَ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالوا له: «خرَجَ ووَجَّهَ هَاهُنا»، أي: جِهةَ كذا
فخرَجَ أبو موسى رَضيَ اللهُ عنه على إثْرِه يَتبَعُه ويَسألُ عنه، حتَّى وجَدَه دخَل بِئرَ أَريسٍ، وهو بُسْتانٌ بالقُربِ مِن قُباءٍ. فجَلَس عندَ بابِها -وكان مَصْنوعًا مِن الجَريدِ- حتَّى قَضى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حاجَتَه، وهذا كِنايةٌ عنِ البَولِ والبَرازِ، ثمَّ تَوضَّأَ، فقام إليه أبو مُوسى رَضيَ اللهُ عنه، فإذا هو جالِسٌ على بِئرِ أَريسٍ، وتَوسَّطَ «قُفَّها»، أي: حافَةَ البِئرِ، فسَلَّمَ عليه، ثمَّ انصَرَفَ فجلَسَ عندَ البابِ، وقال: لأَكونَنَّ بوَّابَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اليَومَ، فجاءَ أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رَضيَ اللهُ عنه، فدفَعَ البابَ مُسْتأذِنًا في الدُّخولِ، فقُلتُ: مَن هذا؟ فقال: أبو بَكرٍ، فقُلتُ: «على رِسلِكَ»، أي: تَمهَّلْ وَتَأنَّ، ثمَّ ذهَبْتُ فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، هذا أبو بَكرٍ يَستأذِنُ في الدُّخولِ عليكَ، فقال: ائذَنْ له، وبَشِّرْه بالجَنَّةِ، فأقبَلْتُ حتَّى قُلتُ لأبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه: ادخُلْ، ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُبشِّرُكَ بالجَنَّةِ، فدخَل أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فجَلَس عن يَمينِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معه في القُفِّ، ودَلَّى رِجلَيْه في البِئرِ كما صَنَع النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكشَف عن ساقَيْهِ، ثمَّ رجَعْتُ فجلَسْتُ على البابِ، وقدْ ترَكْتُ أخي أبا بُرْدةَ عامِرًا أو أخي أبا رُهْمٍ- يَتَوضَّأُ ويَلحَقُني، فقُلتُ: إنْ يُرِدِ اللهُ بفُلانٍ خَيرًا -يُريدُ أخاهُ أبا بُردةَ، أو أبا رُهْمٍ- يَأتِ به؛ وذلك حتَّى تَنالَه بُشْرى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالجَنَّةِ، ثمَّ أتَى عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه، فحدَث معَه مِثلُ ما حدَث معَ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فدَخَلَ وجلَسَ عن يَسارِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومِن بَعدِه أتَى عُثمانُ بنُ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه، فحدَثَ معَه أيضًا مِثلُ ما حَدَث مع أبي بَكرٍ وعمَرَ، إلَّا أنَّ عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنه بُشِّرَ بالجَنَّةِ على بَلْوى تُصيبُه، وهي البَليَّةُ الَّتي صارَ بها شَهيدَ الدَّارِ مِن أذى المُحاصَرةِ والقَتلِ وغَيرِه، ولَمَّا دخَل على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجَد القُفَّ قد مُلِئَ، فجلَس مُقابِلَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الشِّقِّ الآخَرِ. قال سَعيدُ بنُ المُسيِّبِ: «فأوَّلْتُها قُبورَهُم»، أي: فسَّرْتُ جِلسَتَهم على تلك الهَيْئةِ بقُبورِهم، حيث دُفِنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأبو بَكرٍ وعُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما في حُجرةٍ واحدةٍ، وهي حُجرةُ عائشةَ، وقَبرُ عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنه في البَقيعِ، وهي مَدافِنُ أهلِ المَدينةِ
وفي الحَديثِ: فَضلٌ ومَنقَبةٌ لأبي بَكرٍ، وعُمَرَ، وعُثمانَ رَضيَ اللهُ عنهم
وفيه: حِرصُ الصَّحابةِ على خِدمةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ