باب كتاب الهبة و فضلها و التحريض عليها
بطاقات دعوية
عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أن بني صهيب مولى ابن جدعان ادعوا بيتين وحجرة؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى ذلك صهيبا، فقال مروان: من يشهد لكما (23) على ذلك؛ قالوا: ابن عمر، فدعاه، فشهد لأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صهيبا بيتين وحجرة، فقضى مروان بشهادته لهم.
لقدْ راعَى الإسلامُ حُقوقَ العِبادِ في كُلِّ المَواطِنِ، حتَّى إنَّه بَيَّنَ أحكامَ الحُروبِ، وما يَحصُلُ عليه المُسلِمونَ مِنَ الغَنائِمِ والسَّبْيِ، ومنها إخراجُ الحُقوقِ المُتعَلِّقةِ بها قبْلَ قِسمَتِها
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه ضاعَ منه فَرَسٌ، فاستَوْلى عليه الأعداءُ مِن أهلِ الحَربِ، فلَمَّا ظَهَرَ المُسلِمونَ وانتَصَروا عليهم، وأخَذوا الغَنائِمَ، وَجَدوا فَرَسَه في الغَنائِمِ، فرُدَّ عليه فَرَسُه؛ لأنَّه مِن حَقِّه، وكان ذلك في زَمَنِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وفي رِوايةِ أبي داودَ: «فرَدَّه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى ابنِ عُمَرَ، ولم يُقسَمْ»، وكذلك «أبَقَ له عَبدٌ»، أي: هَرَبَ، فلَحِقَ بالرُّومِ الصَّليبيِّينَ، فلَمَّا ظَهَرَ المُسلِمونَ عليهم وانْتَصروا؛ رُدَّ عليه هذا العَبدُ، وكان الذي رَدَّه عليه خالِدُ بنُ الوَليدِ رَضيَ اللهُ عنه، في زَمَنِ خِلافةِ أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ في مَعرَكةِ اليَرموكِ، كما في رِوايةِ عَبدِ الرَّزَّاقِ، وقد وَقَعتْ في السَّنةِ الرَّابِعةَ عَشْرةَ مِنَ الهِجرةِ بيْنَ المُسلِمينَ والرُّومِ
وهذا يَدُلُّ على أنَّه إذا غَنِمَ أهلُ الحَربِ مالَ مُسلِمٍ، ثمَّ استَولَى المُسلِمُونَ عليهم، وَوجَدَ ذلك المُسلِمُ عَينَ مَالِه؛ فهو أحَقُّ به، يَأخُذُه، ولا يُعَدُّ مِنَ الغَنيمةِ. وقيلَ: إنْ وَجَدَه صاحِبُه قبْلَ القِسمةِ فهو أحَقُّ به، وإنْ وَجَدَه بعْدَ القِسمةِ لا يَأخُذُه إلَّا بالقِيمةِ