باب كتاب المغازي

بطاقات دعوية

باب كتاب المغازي

 عن أبي الخير عن الصنابحي أنه قال له: متى هاجرت؟ قال: خرجنا من اليمن مهاجرين، فقدمنا الجحفة، فأقبل راكب، فقلت له: الخبر (212) فقال: دفنا النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ خمس. قلت: هل سمعت فى ليلة القدر شيئا؟ قال: نعم؛ أخبرنى بلال مؤذن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فى السبع؛ فى العشر الأواخر.

الفَوزُ بصُحْبةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَرفٌ ورِزقٌ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ، منَّ به على صَحابَتِه الكِرامِ؛ فلقدِ اخْتارَ اللهُ عزَّ وجلَّ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم لصُحْبةِ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وتَبْليغِ دِينِه إلى النَّاسِ كافَّةً، وما ذاك إلَّا لمَّا عَلِمَ ما في قُلوبِهم مِن مَحبَّةِ الحقِّ، والعَملِ على نُصرَتِه، والاجتِماعِ عليه، وبَذلِ الأمْوالِ والأنفُسِ في سَبيلِ ذلك
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أبو الخَيرِ مَرثَدُ بنُ عَبدِ اللهِ اليَزَنيُّ المِصْريُّ أنَّه سَأَلَ عبْدَ الرَّحمَنِ بنَ عُسَيْلةَ الصُّنابِحيَّ، فقال له: متى هاجَرْتَ؟ يَعني: إلى المَدينةِ المُنوَّرةِ -والصُّنابِحيُّ مِن كِبارِ التَّابِعينَ، ولم يَرَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فأخْبَرَه الصُّنابِحيُّ أنَّه خرَجَ مُهاجِرًا مِن اليَمَنِ إلى المَدينةِ، فلمَّا وصَلَ الجُحْفةَ -وهي مَوضِعٌ بيْن مكَّةَ والمَدينةِ يُحرِمُ منه الحاجُّ القادِمُ مِن بِلادِ الشَّامِ ونَحوِها- قابَلَ راكِبًا قادِمًا منَ المَدينةِ، فسَألَه: ما الأخْبارُ بالمَدينةِ؟ فقال له الرَّاكبُ: دَفَنَّا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منذُ خَمسٍ لَيالٍ؛ ولذلك كان الصُّنابِحيُّ يقولُ: بيْني وبيْنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَمسُ لَيالٍ؛ لأنَّه لو أدرَكَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورَآه قبْلَ وَفاتِه لكان صَحابيًّا
ثمَّ أخْبَرَ الصُّنابِحيُّ حِينَ سُئلَ عن تَعْيينِ لَيلةِ القَدْرِ في شَهرِ رَمضانَ أنَّ بِلالَ بنَ رَباحٍ رَضيَ اللهُ عنه، أخْبَرَه أنَّه سَمِعَ تَعْيينَها في السَّبعِ في العَشْرِ الأواخِرِ، أي: في لَيلةِ السَّابِعِ والعِشرينَ، وقدِ اختُلِفَ في تَعْيينِها، ولعلَّ هذا هو القولُ الأشهَرُ في تَعْيينِها، ورُجِّحَ أنَّها تَنتقِلُ في العَشرِ الأواخِرِ مِن رَمضانَ؛ لتَعارُضِ الأحاديثِ الصَّحيحةِ في ذلك، ولا طَريقَ إلى الجَمعِ بيْن الأحاديثِ إلَّا بانْتِقالِها
وفي الحَديثِ: بَيانُ أنَّ الصُّحبةَ تَكونُ لمَن رَأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُسلِمًا، وليس لمَن عاصَرَه وأسْلَمَ ولم يَرَه