باب في الجنائز ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله
بطاقات دعوية
عن عبد الله (بن مسعود) رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[كلمة، وقلت أخرى، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -5/ 153]:
"من مات يشرك بالله شيئا (وفي رواية: من مات وهو يدعو من دون الله ندا) دخل النار".
وقلت أنا: من مات لا يشرك بالله شيئا (وفي الرواية الأخرى: من مات وهو لا يدعو لله ندا) دخل الجنة" (1)
كَتَبَ اللهُ سُبحانه وتعالَى الخُلودَ في النَّارِ على كلِّ مَن ماتَ وهو مُشرِكٌ بِاللهِ تعالَى؛ إذِ الشِّركُ هو الذَّنبُ الَّذي لا يُغفَرُ؛ قال تعالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 48]، ومَن ماتَ لا يُشرِكُ باللهِ شيئًا فإنَّه سيَدخُلُ الجَنَّةِ، كما يُبيِّنُ هذا الحديثُ، حيثُ ذَكَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالعِقابِ المُستحَقِّ لِمَن ماتَ وهو مُشرِكٌ بِاللهِ تعالَى بأيِّ نوعٍ مِن الشِّركِ الأكبرِ؛ كأنْ يَعبُدَ مع اللهِ غيرَه، أو يَعتقِدَ أنَّ أحدًا شَريكٌ مع اللهِ في الخَلْقِ والتَّدبيرِ، فهذه هي خَصلةُ الشِّركِ التي تُوجِبُ لصاحِبِها النَّارَ فيَدخُلُها. وحَقيقةُ الشِّركِ المُوجِبِ لدُخولِ النارِ: اتِّخاذُ النِّدِّ مع اللهِ؛ سَواءٌ كان هذا النِّدُّ في الرُّبوبيَّةِ أو الأُلوهيَّةِ.
ولَمَّا كان الشركُ باللهِ ضِدَّ الإيمانِ بِه؛ قال ابنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه: مَن ماتَ لا يُشرِكُ بِاللهِ شَيئًا دخَلَ الجنَّةَ، يعني: مَن ماتَ وهو مُؤمنٌ باللهِ مُوحِّدٌ له؛ فهذه خَصْلةُ الإيمانِ التي تُوجِبُ له الجَنَّةَ فيَدخُلُها؛ لأنَّ المُوحِّدِينَ لا بُدَّ لهم مِن دُخولِ الجنَّةَ آخِرَ الأمرِ؛ فمَنْ كانتْ عليه ذُنوبٌ فإمَّا أنْ يَعفوَ اللهُ عنه دونَ حِسابٍ، أو يُحاسِبَه على ما قدَّم ثمَّ يُدخِلَه الجَنَّةَ.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن الشِّركِ باللهِ عزَّ وجلَّ وبيانُ عَظيمِ خَطرِه.
وفيه: بيانُ فَضْلِ الإيمانِ باللهِ تعالَى وتَوحيدِه؛ فكما أنَّ المُشرِكَ يَدخُلُ النارَ، فمَن ليس يُشرِكُ -وهو المُؤمِنُ الموحِّدُ- يَدخُلُ الجَنَّةَ.