باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة
بطاقات دعوية
عن أبي موسى قالَ: مرِضَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فاشتَدَّ مرضُه، فقالَ:
"مُرُوا أبا بكرٍ فليصَلِّ بالناسِ"، قالت عائشةُ: إنه رَجُلٌ رقيقٌ إذا قامَ مَقامَكَ لم يستطعْ أنْ يصَليَ بالناسِ، قالَ:
"مُرُوا أبا بكرٍ فليصَلِّ بالناسِ"، فعادَت، فقالَ:
"مُرِي أبا بكرٍ فليصَلِّ بالناسِ، فإنَّكُنَّ صَوَاحبُ يوسُف"، فأتاهُ الرسولُ فصلَّى بالناسِ، في حياةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
أَوْصَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرِّجالَ بِالِّنساءِ خيرًا، وحَثَّهم على الإحسانِ إليهنَّ ومُعاشرَتِهنَّ بِالمعروفِ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُدوةَ الحَسَنةَ لِهذه الأُمَّةِ، فكانَ أفضلَ النَّاسِ وأرحَمَهم وأرفَقَهم في مُعاملةِ أهلِه وعِشرتِه، ومِن مَظاهِرِ ذلك ما تُخبِرُ به أُمُّ المؤمنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها في هذا الحديثِ؛ فعندما سُئِلَتْ رَضيَ اللهُ عنها عَن حالِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بيْتِه وكيفَ كان يَصنَعُ، قالتْ: كان يكونُ في خِدمةِ أهْلِه، بِمعنى أنَّه كان يُساعِدُهنَّ في الأعمالِ الَّتي يَقُمْنَ بها، ومِن ذلك أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ–كما في مُسنَدِ أحمَدَ- كان يَخدُمُ نفْسَه، ويَحلُبُ شاتَه، ويَرقُعُ ثَوبَه، ويَخصِفُ نَعْلَه، وكان إذا حضَرَتِ الصَّلاةُ خرَجَ إليها دُونَ تَأخيرٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وهذا فيه تَعليمٌ للأُمَّةِ حتَّى يَقتَدوا بنَبيِّهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في القيامِ بما يَستطيعُه وما يتَّفِقُ معه مِن مُهِمَّاتِ البيتِ، وأنْ يَخدُمَ نفْسَه في بَعضِ الأُمورِ، وأنَّه لا غَضاضةَ في ذلك مع الحِرصِ على أداءِ واجباتِ اللهِ وحُقوقِه، وتلك مُوازنةٌ بيْن كلِّ الحُقوقِ والواجباتِ التي تَفرِضُها الحياةُ على الإنسانِ.
وفي الحديثِ: القِيامُ إلى الصَّلاةِ إذا حَضَرتْ وتَرْكُ الشُّغْلِ بعَملِ أيِّ شَيءٍ مِن مَصالِحِ الدُّنيا؛ إمامًا كان أو مأمومًا.
وفيه: تولِّي الأئمَّةِ والفُضلاءِ خِدمةَ أُمورِهم بأنفُسِهم وأنَّ ذلِك مِن فِعلِ الصالِحينَ اتِّباعًا لسيِّدِهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.