باب إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر
بطاقات دعوية
عن مَعن بن يَزيدَ رضي الله عنه قال: بايعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وأَبي وجَدِّي، وخطَبَ علَيَّ، فأنكَحَني، وخاصَمتُ إليهِ، وكانَ أَبي يَزيدُ أَخرجَ دنانيرَ يتصدَّقُ بها، فوضَعَها عندَ رجلٍ في المسجد، فجئتُ فأخذتُها، فأتيتُه بها، فقالَ: والله ما إياكَ أرَدتُ، فخاصمْتُهُ إِلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: " لكَ ما نوَيتَ يا يَزيدُ، ولكَ ما أَخذتَ يا مَعنُ".
المُبايَعةُ هي المعاقَدةُ والمعاهَدةُ، وسُمِّيت بذلك تَشبيهًا بالمُعاوَضةِ الماليَّةِ، كأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَبيعُ ما عِندَه مِن صاحبِه؛ فمِن طرَفِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وَعْدٌ بالثَّوابِ، ومِن طَرَفِهم: الْتزامُ الطَّاعةِ
وفي هذا الحَديثِ يَحكي مَعْنُ بنُ يَزيدَ السُّلَميُّ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه وأباه وجَدَّه الأخْنَسَ بنَ حبيبٍ السُّلَميَّ رَضيَ اللهُ عنه بايَعوا رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وخطَب له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ امرأةً، وطلَبَ مِن وليِّ المرأةِ أن يُزَوِّجَه، فزَوَّجه إيَّاها، ويَحكي أنَّ أباه أخرَج صدقةً فوضَعها عندَ رجُلٍ في المسجِدِ؛ لِيَصرِفَها لِمَن يَستحِقُّ الصَّدقةَ، فذَهَب مَعْنٌ فأخَذها، وأخبَر أباه بذلك، فأخبَره أبوه أنَّه ما قصَدَه في إعطائِه هذه الصَّدقةَ، قيل: المرادُ بها صدَقةُ التطَوُّعِ، وليس زَكاةَ المالِ، فتخاصَما إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فحَكَمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَهما أنَّ لِيَزيدَ ما نَوى من إعطاءِ صدَقتِه، وأنَّ لِمَعنٍ ما أخَذَ؛ لأنَّه فقيرٌ، ودخَل في عُمومِ الفُقراءِ المأْذونِ للوكيلِ في الصَّرفِ إليهم
وفي الحديثِ: أنَّ للمتَصَدِّقِ أجْرَ ما نَواه، سواءٌ صادَف المستحِقَّ أو لا
وفيه: أنَّ للابْنِ أن يُخاصِمَ أباه، وليس بعُقوقٍ إذا كان ذلك في حَقٍّ
وفيه: مشروعيَّةُ التَّوكيلِ في الصدَقةِ