باب إذا قال عند قوم شيئا ثم خرج فقال بخلافه 3
بطاقات دعوية
عن حذيفة بن اليمان قال:
إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كانوا يومئذ يسرون، واليوم يجهرون.
النِّفاقُ هو إظهارُ المرءِ خِلافَ ما يُبطِنُه، وهو مِعْولُ الهَدمِ الأَخطرِ عَبْرَ تاريخِ المُسلِمينَ، وضَررُ المنافِقين على الإسْلامِ أقْوى تَأثيرًا مِن مَكائدِ الكافِرينَ المُجاهِرينَ بِكُفرِهمْ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ حُذَيفةُ بنُ اليَمانِ رضِيَ اللهُ عنهُما أنَّ المُنافِقينَ الذين كانوا بعد عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أشَدُّ شَرًّا من المنافِقينَ الذين كانوا على عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويُعلِّلُ ذلِكَ بأنَّهُمْ كانُوا يُسِّرونَ نفاقَهم ويُخفونَه، فلا يتعدَّى شَرُّهم إلى غيرِهم، وأمَّا بعد النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإنهم يَجْهَرونَ به؛ فهُمْ أعلنوا بالشَّرِّ أكثرَ وأظْهَرَ مِن سابِقيهِمْ مِنَ المنافِقينَ، غيْرَ أنَّهمْ لم يُعلِنوا الكُفرَ صَريحًا؛ ليُظَنَّ أنَّهم مُسلِمونَ.
ومن صُوَرِ إظهارِهم لنفاقِهم: أنهم يَجهَرون بالنِّفاقِ ويُعلِنونَه بالخُروجِ على الجَماعةِ ويُحَزِّبونَهم أحزابًا، ويُوقِعون الشَّرَّ بين الفِرَقِ، فيتعدَّى شَرُّهم لغَيرِهم.
وهذا إشارةٌ منه رَضِيَ اللهُ عنه إلى ضَعفِ الحَقِّ وظُهورِ الباطِلِ واستقوائِه؛ فالمنافِقون يَخْشَون من سَطوةِ الحَقِّ، فيُسِرُّون، لكن إذا ضَعُف الحَقُّ بَرَزوا.
وفي الحَديثِ: التَّحذيرُ مِن النَّفاقِ والمنافِقينَ.
وفيه: عَدمُ مُتابَعةِ مَن يَظهَرُ عليهِ النِّفاقُ في أفْعالِهِ الباطِلةِ التي يَفعَلُها ضِدَّ المسلِمينَ وشَريعتِهمْ.