باب إماطة الأذى عن الطريق1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، عن أبان بن صمعة، عن أبي الوازع الراسبي
عن أبي برزة الأسلمي، قال: قلت: يا رسول الله، دلني على عمل أنتفع به. قال: "اعزل الأذى عن طريق المسلمين" (2)
كان الصَّحابةُ الكِرامُ يسأَلون النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عمَّا يَستَزيدون به مِن الخَيرِ مِن الأقوالِ والأفعالِ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُعلِّمُهم ويرشِدُهم إلى ما يَهديهم ويَنفعُهم في الدِّينِ والدُّنيا والآخرَةِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو بَرْزةَ الأسلَميُّ رَضي اللهُ عنه: "قلتُ: يا رسولَ اللهِ، عَلِّمْني شيئًا أنتفِعُ به" أي: يَنفَعُه في الآخرَةِ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "اعزِلِ الأذَى عن طَريقِ المسلِمين"، أي: أبعِدْ كلَّ ما يَضُرُّ النَّاسَ مِن الطَّريقِ، وقد وضَّحَتْ أحاديثُ أُخرى أمثِلةً لذلك؛ مثلَ إزالةِ أغصانِ الأشجارِ والشَّوكِ والحِجارةِ عن الطَّريقِ، وكذلك عدَمِ التَّسبُّبُ فيما يُؤذي النَّاسَ في طُرقاتِهم وأماكنِ استِرْواحِهم؛ فنَهى عن التَّبوُّلِ في الظِّلِّ وتحتَ الأشجارِ وفي وسَطِ الطُّرقاتِ، كما أمَر بإعطاءِ الطَّريقِ حقَّه؛ مِن إفشاءِ السَّلامِ وغَضِّ البصَرِ عن عَوْراتِ النَّاسِ، وهذا كلُّه مِن بابِ إزالَةِ الأذى عن النَّاسِ وعدمِ التَّسبُّبِ في حدوثِه. وإبعادُ الأذى عن الطَّريقِ أدنى شُعَبِ الإيمانِ - كما في الصَّحيحَينِ- فأوصاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بها؛ لأنَّ أبا بَرْزةَ كان مِن أكابِرِ الصَّحابةِ رَضي اللهُ عنه، وكان مُتحلِّيًا بالشُّعَبِ، وأهمُّها بالنِّسبةِ إليه هذه، وقيل: ذكَر أدناها؛ ليَدُلَّ على إرادةِ الشُّعَبِ الأعلى؛ وأنَّها مِن طريق الأولى.
وفي الحديثِ: تربيةٌ نبويَّةٌ على أداءِ حقوقِ الطُّرُقاتِ وإزالةِ الضَّررِ عنها.