باب حق اليتيم
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم، والمرأة" (1)
أوصَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالإحسانِ إلى الضُّعفاء مِن النَّاس وحِفظِ حُقوقِهم، كما أوصَى باليَتيمِ والمَرأةِ على وجْهِ الخُصوصِ لزِيادةِ ضَعفِهِما، وهذا الحَديثُ يُوضِّحُ ذلك، حيثُ يقولُ فيه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ»، وفي رِواية الحاكِم: «أُحَرِّجُ عليكم حَقَّ»، أي: أُضَيِّقُ على النَّاسِ في تَضييعِ حَقِّهم، وأشَدِّدُ عليهم في ذلك، وأحَذِّرُهم من الوُقوعِ في ظُلمِهم، «الضَّعيفَينِ» وهما اللَّذان لا حَولَ لهما ولا قُوَّةَ، ولا ينْتَصِرانِ لأنْفُسِهما، وقد وَصَفَهُما بالضَّعفِ اسْتِعْطافًا وزيادةً في التَّحذيرِ؛ فإنَّ الإنْسانَ كُلَّما كان أضْعَف كانتْ عِنايةُ اللهِ به أَتَمَّ، وانتِقامُه من ظالِمِه أشَدَّ، وأوَّل الضَّعيفَينِ «اليَتيم» وهو الذي فَقَدَ أباهُ صَغيرًا، وفَقَدَ حِمايَتَه ورِعايَته. «والمَرأة» ووَجْهُ ضَعْفِ المَرأةِ أنَّها ضعيفةٌ فِي الجَسدِ والعَقلِ، وقد جعَلَ الشَّرعُ للرَّجُلِ الولايةَ عَليها لرِعايتِها وحِفظِ حُقوقِها لا لَهضَمْهِا؛ فلا يُزادُ في ضَعفِها بضَربِها ومطالبتِها بأكثرَ مِمَّا أقرَّه وسمحَ بِه الشرعُ تُجاهَ الزَّوجِ، والخِطابُ هنا لأوْلياءِ المرأةِ والأزْواجِ.
وفي الحديث: عِنايةُ الإسلامِ بِحُقوقِ الضُّعفاءِ عُمومًا، واعتناؤُه بحُقوقِ اليَتيمِ والمَرأةِ خصوصًا( ).