باب إمامة العبد والمولى
بطاقات دعوية
عن ابن عُمَر قالَ: لما قَدِم المهاجرونَ الأَوَّلونَ (العُصبةَ) - موْضعٌ بقُباءٍ -، قَبْلَ مَقدَمِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، كانَ يَؤمُّهمْ [وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسجد قباء] سالمٌ موْلى أَبي حذَيفةَ، [فيهم أبو بكرٍ، وعمرُ، وأبو سلَمةَ، وزيدٌ، وعامرُ بنُ ربيعةَ]، وكانَ أكثرَهم قُرْآناً.
لا فَضلَ في الإسلامِ لأحَدٍ على أحَدٍ إلَّا بالتَّقوى؛ قال تَعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]؛ فبالعَمَلِ الصَّالِحِ وَحدَه يَتفاضَلُ المُسلِمونَ، وأحقُّ القَومِ بالإمامةِ أقرَؤُهم لِكِتابِ اللهِ تعالَى، كما أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بذلك، فإذا كان الرَّجُلُ هو أقرَأَ الحاضِرينَ، كان هو أحَقَّ بالإمامةِ، فلا يُنظَرُ لِجِنسِه، ولا لَونِه، ولا حَسَبِه، أو نَسَبِه، وهذا الحَديثُ أبلَغُ دَليلٍ على ذلك، وفيه يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ المُهاجِرينَ مِن مَكَّةَ إلى المَدينةِ لَمَّا قَدِموا العُصْبةَ، وهو مَوضِعٌ بالقُربِ مِن قُبَاءٍ بالمَدينةِ النَّبويَّةِ مِن جِهَةِ الجَنوبِ نَحوَ مِيلَيْنِ، قَبلَ أنْ يأتيَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُهاجِرًا إلى المَدينةِ؛ كان يَؤُمُّهم سالِمٌ مَولى أبي حُذَيفةَ، وكان أكثَرَهم قُرآنًا، أي: أكثرَهم حِفظًا وجمعًا للقُرآنِ، وسالِمٌ كان عَبدًا عِندَ امرأةٍ، ثم أُعتِقَ، ولم يَمنَعْه ذلك مِن أنْ يَؤُمَّ صَحابةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لأنَّه كان أحْفظَ القومِ للقُرآنِ، وقد حَفِظَ سالِمٌ مِنَ الصَّحابةِ الذين أرسَلَهمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المَدينةِ لِيُعَلِّموا مَن آمَنَ مِنهمُ القُرآنَ والإسلامَ، مِثلَ مُصعَبِ بنِ عُمَيرٍ وغَيرِه.ولم يَكُنْ سالِمٌ مَولًى لِأبي حُذَيفةَ بنِ عُتبةَ بنِ رَبيعةَ -أحَدُ السَّابِقينَ-، بلْ كان سالِمٌ مَولى امرأةٍ مِنَ الأنصارِ، فأعتَقَتْه، وقيلَ له: مَولى أبي حُذَيفةَ؛ لِأنَّه إنَّما لازَمَه بَعدَ عِتقِه، وكان أبو حُذَيفةَ قدْ تَبَنَّاه، فلَمَّا نَزَلَ تَحريمُ التَّبَنِّي ظَلَّ يُطلَقُ عليه مَولى أبي حُذَيفةَ.
وفي الحَديثِ: أنَّ الأحفَظَ لِلقُرآنِ هو الأحَقُّ بالإمامةِ.