باب المكث بين السجدتين
بطاقات دعوية
عن ثابتٍ عن أَنسٍ قالَ: إني لا آلُو أنْ أصَلِّي بكُم كما رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي بنا، قالَ ثابتٌ:
كانَ أَنسٌ يَصنعُ شيئاً لم أَرَكُم تصنَعونَه: كان (وفي طريقٍ أخرى عنه قال: كان أنس يَنْعَتُ لنا صلاة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فكان يصلي، فـ) إذا رفَعَ رأسَه منَ الركوعِ قامَ حتى يقولَ القائلُ: قدْ نَسِيَ، وبينَ السّجدتَينِ حتى يقولَ القائلُ: قدْ نَسِيَ.
كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم حَريصينَ على اتِّباعِ هَدْيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في كلِّ شَيءٍ ونَقْلِه لمَن بعْدَهم، لا سيَّما الصَّلاةِ التي هي عِمادُ الدِّينِ.
وفي هذا الأثرِ يَقولُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه لأصحابِه مِن التابعينَ: «إنِّي لا آلُو أنْ أُصَلِّيَ بكُمْ»، أي: إنِّي لا أُقصِّرُ أنْ أُصلِّيَ بكم مِثلَما رَأَيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّي بلْ أجتَهِدُ أنْ أُصلِّيَ بكم بالهَيئةِ التي كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّي بها، وإنَّما قال هذا ليَحُثَّ السامعينَ على الاهتِمامِ وحِفظِ ما يَأتي به، ويُحقِّقَ عندَهم المُراقَبةَ لاتِّباعِ أفعالِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.قال ثابتٌ البُنَانيُّ -وهو مِن التَّابعين والرَّاوي عن أنَسٍ-: كان أنسٌ رَضيَ اللهُ عنه يَصنَعُ شيئًا لم أرَكُمْ تَفعلونَه، وهو أنَّه كان يقِفُ طَويلًا بعدَ قِيامِه مِن الرُّكوعِ، حتَّى يظُنَّ مَن يَراه أنَّه نَسِيَ ولم يَتعمَّدِ الوقوفَ كلَّ هذه المدَّةِ، ويَفعَلُ كذلك فيما بيْن السَّجدتينِ.وفيه إشعارٌ بأنَّ مَن خاطَبَهم ثابتٌ كانوا لا يُطِيلون الوقوفَ بعْدَ الرَّفعِ مِن الرُّكوعِ وبيْن السَّجدتينِ، ولذا خصَّ ذِكرَ الطُّمأنينةِ والاعتدالِ في الرُّكوعِ والسُّجودِ دونَ سائرِ الأركانِ، ولذلك قال لهم: كانَ أنَسُ بنُ مالكٍ يَصْنَعُ شيئًا لمْ أرَكُمْ تَصنَعونَه.
وفي الحديثِ: التَّأكيدُ على الطُّمأنينةِ والاعتدالِ بعْدَ الرَّفعِ مِن الرُّكوعِ وبيْن السَّجدتينِ.