باب كتاب الفتن 3
بطاقات دعوية
وحتى يكثر فيكم المال، فيفيض، حتى يهم رب المال من يقبل صدقته، وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه: لا أرب لي به.
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يحُثُّ أصحابَه على المُسارَعةِ بالخَيراتِ، ومِن ذلك المُسارَعةُ بإخراجِ الزَّكاةِ والصَّدَقاتِ إلى مُستحِقِّيها
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لن تَقومَ القِيامةُ -فهو مِن علاماتِها وأشْراطِها، وقيل: هو زَمانُ المَهْديِّ ونُزولِ عيسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- حتَّى يَكثُرَ المالُ، فيَفيضَ وتَعُمَّ الثَّروةُ في أيدي النَّاسِ جميعًا، فلا يَحتاج أحدٌ إلى الزَّكاةِ، حتَّى يَحزَنَ ويَهتمَّ ويَغتَمَّ ربُّ المالِ وصاحِبُه؛ لأنَّه لم يجِدْ مَن يَقبَلُ صدَقتَه، حتَّى يَجتهِدَ في البحثِ عن شَخصٍ فَقيرٍ يَقبَلُ منه صدقتَه ويَعرِضُه عليه، فيقولُ الَّذي تُعرَضُ عليه الزَّكاةُ لِيَأخُذَها: «لا أَرَبَ لِي»، أي: لا حاجةَ لي في هذه الصَّدقةِ؛ لأنَّه صارَ غنيًّا ومعه مالٌ، وقيل: يَصيرُ الناسُ راغِبينَ في الآخِرةِ، تارِكينَ الدُّنيا، ويَقنَعون بقُوتِ يَومٍ، ولا يَدَّخِرون المالَ
قيل: هذا الحديثُ خرَج مخرَجَ التَّهديدِ على تأخيرِ الصَّدقةِ، وهذا التَّهديدُ مَصروفٌ لِمَن أخَّرَها عن مُستحِقِّها وماطَلَه بها حتَّى استَغْنَى ذلك الفقيرُ المستحِقُّ، فغِنَى الفقيرِ لا يُخلِّصُ ذِمَّةَ الغنيِّ المُماطِلِ في وقتِ الحاجةِ.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن التَّسويفِ في إخراجِ الزَّكاة؛ لأنَّه قد يكونُ التَّأخيرُ سببًا في عدمِ وجودِ مَن يَقْبَلُها
وفيه: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ